خواطر

وما كان لنبي أن يغل تفسير جميع المفسرين وسبب نزول الاية

نعرض في هذا المقال بحول الله وقوته تفسير جميع المفسرين لــ وما كان لنبي أن يغل ,مثل ابن كثير والبغوي والسعدي وغيرهم. و هذه الآية: ” وما كان لنبيّ أن يغل “، نـزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر، قال: فقال بعض الناس: أخذها! قال: فأكثروا في ذلك، فأنـزل الله عز وجل: ” وما كان لنبي أن يغل ومن يغلُل يأت بما غل يوم القيامة “. (1)

وما كان لنبي أن يغل

(وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)

﴿ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾

سورة [ آل عمران: اية 161]

تفسير السعدي لقول الله تعالى: وما كان لنبي أن يغل

تفسير السعدي لقول الله تعالى: وما كان لنبي أن يغل
تفسير السعدي لقول الله تعالى: وما كان لنبي أن يغل

(وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)

الغلول هو: الكتمان من الغنيمة، [والخيانة في كل مال يتولاه الإنسان] وهو محرم إجماعا، بل هو من الكبائر، كما تدل عليه هذه الآية الكريمة وغيرها من النصوص.

فأخبر الله تعالى أنه ما ينبغي ولا يليق بنبي أن يغل، لأن الغلول -كما علمت- من أعظم الذنوب وأشر العيوب. وقد صان الله تعالى أنبياءه عن كل ما يدنسهم ويقدح فيهم، وجعلهم أفضل العالمين أخلاقا، وأطهرهم نفوسا، وأزكاهم وأطيبهم، ونزههم عن كل عيب، وجعلهم محل رسالته، ومعدن حكمته { الله أعلم حيث يجعل رسالته }.

فبمجرد علم العبد بالواحد منهم، يجزم بسلامتهم من كل أمر يقدح فيهم، ولا يحتاج إلى دليل على ما قيل فيهم من أعدائهم، لأن معرفته بنبوتهم، مستلزم لدفع ذلك، ولذلك أتى بصيغة يمتنع معها وجود الفعل منهم، فقال: وما كان لنبي أن يغل  أي: يمتنع ذلك ويستحيل على من اختارهم الله لنبوته.

ثم ذكر الوعيد على من غل، فقال: { ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة } أي: يأت به حامله على ظهره، حيوانا كان أو متاعا، أو غير ذلك، ليعذب به يوم القيامة.

 { ثم توفى كل نفس ما كسبت } الغال وغيره، كل يوفى أجره ووزره على مقدار كسبه، { وهم لا يظلمون } أي: لا يزاد في سيئاتهم، ولا يهضمون شيئا من حسناتهم، وتأمل حسن هذا الاحتراز في هذه الآية الكريمة.

لما ذكر عقوبة الغال، وأنه يأتي يوم القيامة بما غله، ولما أراد أن يذكر توفيته وجزاءه، وكان الاقتصار على الغال يوهم -بالمفهوم- أن غيره من أنواع العاملين قد لا يوفون -أتى بلفظ عام جامع له ولغيره.

اقرأ أيضا: فاذا فرغت فانصب

تفسير ابن كثير لقول الله تعالى: وماكان لنبي أن يغل

تفسير ابن كثير لقول الله تعالى: وماكان لنبي أن يغل
تفسير ابن كثير لقول الله تعالى: وماكان لنبي أن يغل

وقوله : ( وما كان لنبي أن يغل ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وغير واحد : ما ينبغي لنبي أن يخون .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا المسيب بن واضح ، حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن سفيان [ عن ] خصيف ، عن عكرمة عن ابن عباس قال. فقدوا قطيفة يوم بدر فقالوا : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها . فأنزل الله وما كان لنبي أن يغل: أي يخون .

وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا خصيف ، حدثنا مقسم حدثني ابن عباس أن هذه الآية: وما كان لنبي أن يغل نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر ، فقال بعض الناس : أخذها قال فأكثروا في ذلك. فأنزل الله : ( وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ).

وقد روي من غير وجه عن ابن عباس نحو ما تقدم . وهذا تبرئة له ، صلوات الله وسلامه عليه ، عن جميع وجوه الخيانة في أداء الأمانة وقسم الغنيمة وغير ذلك.

وقال العوفي عن ابن عباس : ( وما كان لنبي أن يغل ) أي : بأن يقسم لبعض السرايا ويترك بعضا وكذا قال الضحاك. وقال محمد بن إسحاق : ( وما كان لنبي أن يغل ) بأن يترك بعض ما أنزل إليه فلا يبلغه أمته. وقرأ الحسن البصري وطاوس ، ومجاهد ، والضحاك : ( وما كان لنبي أن يغل ) بضم الياء أي : يخان.

تفسير القرطبي لقول الله تعالى: وما كان لنبي أن يغل

قوله تعالى : وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون
فيه إحدى عشرة مسألة :

  • الأولى : لما أخل الرماة يوم أحد بمراكزهم – على ما تقدم – خوفا من أن يستولي المسلمون على الغنيمة فلا يصرف إليهم شيء ، بين الله سبحانه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يجور في القسمة ; فما كان من حقكم أن تتهموه .
  • الثانية : قوله تعالى : ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة أي يأتي به حاملا له على ظهره ورقبته ، معذبا بحمله وثقله ، ومرعوبا بصوته ، وموبخا بإظهار خيانته على رءوس الأشهاد ; على ما يأتي . وهذه الفضيحة التي يوقعها الله تعالى بالغال نظير الفضيحة التي توقع بالغادر ، في أن ينصب له لواء عند إسته بقدر غدرته . وجعل الله تعالى هذه المعاقبات حسبما يعهده البشر ويفهمونه.
  • الثالثة : قال العلماء : والغلول كبيرة من الكبائر ; بدليل هذه الآية وما ذكرناه من حديث أبي هريرة : أنه يحمله على عنقه . وقد قال – صلى الله عليه وسلم – في مدعم : والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذ يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا قال : فلما سمع الناس ذلك جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ; فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( شراك أو شراكان من نار ) .
  • أخرجه الموطأ . فقوله عليه السلام : ( والذي نفسي بيده ) وامتناعه من الصلاة على من غل دليل على تعظيم الغلول وتعظيم الذنب فيه وأنه من الكبائر ، وهو من حقوق الآدميين ولا بد فيه من القصاص بالحسنات والسيئات ، ثم صاحبه في المشيئة . وقوله : ( شراك أو شراكان من نار ) مثل قوله : ( أدوا الخياط والمخيط ) . 
  • هذا يدل على أن القليل والكثير لا يحل أخذه في الغزو قبل المقاسم ، إلا ما أجمعوا عليه من أكل المطاعم في أرض الغزو ومن الاحتطاب والاصطياد . وقد روي عن الزهري أنه قال : لا يؤخذ الطعام في أرض العدو إلا بإذن الإمام . وهذا لا أصل له ; لأن الآثار تخالفه ، على ما يأتي . قال الحسن : كان أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا افتتحوا المدينة أو الحصن أكلوا من السويق والدقيق والسمن والعسل .
  • وقال إبراهيم : كانوا يأكلون من أرض العدو الطعام في أرض الحرب ويعلفون قبل أن يخمسوا . وقال عطاء : في الغزاة يكونون في السرية فيصيبون أنحاء السمن والعسل والطعام فيأكلون ، وما بقي ردوه إلى إمامهم ; وعلى هذا جماعة العلماء .
  • الرابعة : وفي هذا الحديث دليل على أن الغال لا يحرق متاعه ; لأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يحرق متاع الرجل الذي أخذ الشملة ، ولا أحرق متاع صاحب الخرزات الذي ترك الصلاة عليه ، ولو كان حرق متاعه واجبا لفعله – صلى الله عليه وسلم – ولو فعله لنقل ذلك في الحديث . وأما ما روي عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه . فرواه أبو داود والترمذي من حديث صالح بن محمد بن زائدة ، وهو ضعيف لا يحتج به .
  • الخامسة : فإذا غل الرجل في المغنم ووجد أخذ منه ، وأدب وعوقب بالتعزير . وعند مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والليث : لا يحرق متاعه . وقال الشافعي والليث وداود : إن كان عالما بالنهي عوقب . وقال الأوزاعي : يحرق متاع الغال كله إلا سلاحه وثيابه التي عليه وسرجه ، ولا تنزع منه دابته ، ولا يحرق الشيء الذي غل . وهذا قول أحمد وإسحاق ، وقاله الحسن ، إلا أن يكون حيوانا أو مصحفا . 
  • السادسة : لم يختلف مذهب مالك في العقوبة على البدن ، فأما في المال فقال في الذمي يبيع الخمر من المسلم : تراق الخمر على المسلم ، وينزع الثمن من الذمي عقوبة له ; لئلا يبيع الخمر من المسلمين . فعلى هذا يجوز أن يقال : تجوز العقوبة في المال . وقد أراق عمر – رضي الله عنه – لبنا شيب بماء .
  • السابعة : أجمع العلماء على أن للغال أن يرد جميع ما غل إلى صاحب المقاسم قبل أن يفترق الناس إن وجد السبيل إلى ذلك ، وإنه إذا فعل ذلك فهي توبة له ، وخروج عن ذنبه . واختلفوا فيما يفعل به إذا افترق أهل العسكر ولم يصل إليه ; فقال جماعة من أهل العلم : يدفع إلى الإمام خمسه ويتصدق بالباقي . هذا مذهب الزهري ومالك والأوزاعي والليث والثوري

المراجع:

(1)  حدثنا به محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد بن زياد قال، حدثنا خصيف قال، حدثنا مقسم قال، حدثني ابن عباس: أن هذه الآية: ” وما كان لنبيّ أن يغل “، نـزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر، قال: فقال بعض الناس: أخذها! قال: فأكثروا في ذلك، فأنـزل الله عز وجل: ” وما كان لنبي أن يغل ومن يغلُل يأت بما غل يوم القيامة “.  الأثر: 8136-“محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب القرشي الأموي” ، روى عنه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه ، قال النسائي: “لا بأس به” ، وهو ثقة جليل صدوق.

[ays_poll id=4]
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى