صحة حديث

صحة حديث الجنة تحت اقدام الامهات

هناك ما يدور حول هذا الحديث الجنة تحت أقدام الأمهات, من شكوك حول صحته من عدم صحته. لذلك صحة حديث الجنة تحت اقدام الامهات يعتبر موضع تساؤلات الكثير. من أجل ذلك نوضحه بالتفصيل في هذة المقالة.

فالأم حقاً لها مكانة كبيرة في الإسلام وكرمها وجعل مرتبتها تفوق مرتبة الأب بثلاث مرات، حيث يقول أبو هريرة رضي الله عنه عن الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم.

“جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أمك قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ فقالَ: ثُمَّ أمك قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أمك قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ”. فـ ما صحة حديث الجنة تحت اقدام الامهات ؟ هذا ما سوف نتعرف عليه بالتفصيل في السطور الآتية.

صحة حديث الجنة تحت اقدام الامهات

الجنة تحت أقدام الأمهات حديث أم مقولة ؟ في حقيقة الأمر إنه حديث ضعيف الإسناد منكر، وذلك لأن صحة حديث الجنة تحت اقدام الامهات يشوبها بعض الأقاويل. فهناك آراء كثيرة تقول أن حديث الجنة تحت أقدام الأمهات هو حديث معناه صحيح لكن إسناده ضعيف، ويجوز العمل به من أجل الترغيب في بر الأم وطاعتها. وجميعنا يعلم أن الأم لها مكانة خاصة تعتلي مكانة الزوجة، وحبها والقيام على رعايتها واجب على كل فرد منا.

صحة الجنة تحت اقدام الامهات
صحة حديث الجنة تحت اقدام الامهات

ويظن بعض المتوهمين أن الحديث “الجنة تحت أقدام الأمهات، من شئن أدخلن، ومن شئن أخرجن” حديث صحيح، هادفين إلى إلباس الباطل لباس الحق بتصحيح ما هو غير صحيح، ولكن في حقيقة الأمر هذا الحديث حديث موضوع بالإجماع.

فيمكن أن نلخص القول في أن صحة حديث الجنة تحت اقدام الامهات هو حديث موضوع بالاجماع.

ذلك لأن في سنده موسى بن محمد بن عطاء الكذاب، ومن أجل ذلك لا يجب الاستشهاد به في التعبير عن تكريم الإسلام للأم. لا سيما ورد في السنة النبوية الشريفة والقرآن الكريم ما يغنينا عن هذا الحديث ويعظم من قدر طاعة الوالدين ويعلمنا فضائل ذلك.

وحينما ذكره العقيلي في الضعفاء فقال أنه حديث منكر كذلك غيره الكثير قد أكدوا على كذب هذا الحديث. وأنه منكر ومتروك بشهادة الأئمة “الحافظ بن عدي، أبو حاتم، أبو زرعة، ابن حبان، الدارقطني، الذهبي، ابن حجر”، واعتمد على آرائهم الشيخ الألباني رحمه الله.

وبذلك يتبين من تخريج حديث: الجنة تحت أقدام الأمهات السابق أن الجنة تحت اقدام الامهات صحة الحديث غير مقبولة ويجب تركه وعدم الاعتماد عليه كذلك لا تحل الرواية عنه ولا حتى كتابة حديثه.

مرشح لك: صحة حديث عمود النار

صحة الجنة تحت اقدام الامهات

صحة حديث الجنة تحت اقدام الامهات
صحة الجنة تحت اقدام الامهات

ويقول الله في سورة الإسراء “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”. (1)

كذلك هناك آيات أخرى كثيرة تغني عن هذا الحديث. كقوله تعالى في سورة الاحقاف “ووَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ “. (2)

وكذلك قوله تعالى في سورة لقمان “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ “. (3) وهذا أكبر دليل على رفع الله جل جلاله من شأن الأم كذلك ربطه للإحسان إليها بطاعته وقرنها به.

وهناك أكثر من دليل آخر ورد في الأحاديث النبوية الصحيحة التي لا مجال للريبة والشك فيها وهو ما روي عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي عمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها، فقلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ فقال: ثم الجهاد في سبيل الله”.

كذلك يقول رسولنا الحبيب:

“رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة”. (4)

وتأكيده ثلاثة حينما سأله أحد الأشخاص عمن هو أحق بحسن الصحبة فقال أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك.

وهناك رواية قريبة من لفظ ومعنى هذا الحديث المنكر وهي عن معاوية بن جاهمة السلمى: “أن جاهمة جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك، فقال هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها.

وما نؤكد عليه بذكرنا لكل ما سبق أن السنة النبوية الشريفة والقرآن الكريم يحتويان على كمية متنوعة من الأدلة المؤكدة التي يمكن الاستناد إليها دونا عن غيرها من الأحاديث الضعيفة المنكرة، وبذلك نكون قد انتهينا من إجابة سؤال الجنة تحت أقدام الأمهات حديث صحيح أم ضعيف.

اقرأ أيضا: صحة حديث بئر برهوت

مكانة الأم في الإسلام

إن الإسلام كرم المرأة ولا سيما الأم على وجه التحديد حتى أنه قد كرمها وأمر بصلتها حتى ولو كانت مشركة، ودليل على ذلك سؤال طرحته أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما للرسول صلى الله عليه وسلم تسأله فيه عن صلة أمها المشاركة فأخبرها الرسول بـ “نعم، صلي أمك”.

كذلك من أشكال دعم الإسلام للأم أن جعل حضانة الأطفال من حق الأم المطلقة أكثر من الأب، حيث قال الرسول “أنتِ أحق به ما لم تنكحي”.

وقرن الله سبحانه وتعالى شكره بشكرها في قوله “أنِ اشْكُر لِي ولِوالِدَيكَ”. وبر الوالدين من شيم الأنبياء حيث كان يحيى عليه السلام بارا بوالديه وقال عنه الله “وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا”. كذلك قوله عن عيسى عليه السلام “وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا”.

ويعد بر الوالدين من أهم الأعمال التي توفقك إلى الجنة وتقربك منها بعد إقامة الصلاة في وقتها. كذلك يعتبر أحد أسباب مغفرة الذنوب بقوله صلوات الله وسلامه عليه عندما جاء له رجل يشكي كونه قد أذنب ذنباً كبيراً فهل له توبة أم لا، فيقول الرسول “ألك والدان؟ قال الرجل لا، فقال: فلك خالة؟ قال الرجل نعم، قال: فبرها إذا”.

كذلك بر الوالدين يعد سببا من أسباب استجابة الدعاء وتفريج الهم والكرب وسعة الرزق. فمن أراد أن يوسع الله له في رزقه ويبارك له في عافيته وصحته فليصل رحمه ووالديه بالأخص.

ربما يهم الطلبة والطالبات: مقدمة عن بر الوالدين.

كيف يكون بر الوالدين

الجنة تحت اقدام الامهات
كيف يكون بر الوالدين

إن هناك الكثير من الطرق التي يمكننا الاستعانة بها في بر الوالدين، وهذه الطرق تتمثل في التالي:

  • تحري السرعة في إجابة طلبهم.
  • تعليمهم ما يجهلونه في الدين قدر المستطاع.
  • تذكيرهم بالله وتقديم النصيحة لهم بترك المعاصي والذنوب.
  • عدم التحدث معهم بصوت عالٍ أو التحدث معهم بوجه عابث.
  • قضاء الدين عنهم والقيام على رعايتهم وتقديم كافة ما يحتاجون إليه.
  • السعي إلى توفير ما يساعدهم على أداء فريضة الحج.
  • الصدقات في حالة وفاتهم.
  • صلة أقاربهم وأصدقائهم، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم “من أحب أن يصل أباه في قبره، فليصل إخوان أبيه من بعده”.
  • التقرب إليهم بما يدخل السرور على قلوبهم، مثل الحديث معهم والإنصات إليهم. وتقبيل الجبين والأيدي والبعد عما يغضبهم مثل رفقة السوء.
  • الدعاء لهم في كل وقت.

مرشح لك: دعوة للوالدين

عقوبة عقوق الوالدين

جميع أهل العلم قد أجمعوا على كبر عقوبة عقوق الوالدين وأنه من كبائر الذنوب. خاصةً أن بر الوالدين يعتبر عبادة لا تقبل النيابة، أي لا ينوب أحد عن أحد فيه. وتتمثل عقوبة عقوق الوالدين في النقاط التالية:

  • تستحق لعنة الله على كل من يسب والديه أو يلعنهما. فيقول الرسول “ملعون من سب أباه، ملعون من سب أمه، ملعون من ذبح لغير الله .. إلخ”.
  • تعجل عقوبة العاق بوالديه في الدنيا قبل الآخرة، حيث يقول الرسول “اثنتان يعجلهما الله في الدنيا «البغي» و «عقوق الوالدين»”.
  • سبب من أسباب استحقاق دخول النار، لقول الرسول “لا يدخل الجنة عاق”.
  • استجابة دعاء الوالد على ولده ووقوعها، فهي من ضمن الثلاث دعوات المستجابات التي أخبرنا الرسول عن كونها لا شك فيهن.
  • تنتزع البركة من حياة الإنسان العاق ويقل رزقه ولا يستجاب له دعاء. ويحرم من رفع أعماله إلى السماء وسوف يعقه أولاده مثلما كان يفعل مع والديه.
  • يفتح أمام العاق بابين من أبواب جهنم.

وفي الختام يجدر الإشارة إلى ضرورة بر الوالدين، لأنها من أكثر الأشياء التي تتسبب في سعادة المرء بكل ما يتمنى في الدنيا والآخرة. كذلك ينبغي أن نمتنع عن تداول ما ضعف سنده عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أحاديث مثل حديث الجنة تحت اقدام الامهات. وفي المقابل نتداول أكثر من بديل آخر ينوب عنه ويصح قوله وإسناده.

نعتقد انه يهمك

المراجع:

(1) سورة الاسراء أية (23-24) ,يعني بذلك تعالى ذكره حكم ربك يا محمد بأمره إياكم ألا تعبدوا إلا الله. فإنه لا ينبغي أن يعبد غيره، وقد اختلفت ألفاظ أهل التأويل في تأويل قوله (وَقَضَى رَبُّكَ ) وإن كان معنى جميعهم في ذلك واحدا.

(2) سورةة الأحقاف أية 15 ,يقول تعالى ذكره: ووصينا ابن آدم بوالديه الحسن في صحبته إياهما أيام حياتهما, والبرّ بهما في حياتهما وبعد مماتهما.

(3) سورة لقمان أية 14 ,يقول تعالى ذكره: وأمرنا الإنسان ببرّ والديه (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلى وَهْنٍ) يقول: ضعفا على ضعف، وشدّة على شدّة.

(4) [حديث صحيح] – [رواه مسلم], معنى هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا ثلاث مرات على من أدرك أبويه أو أحدهما ولم يدخل الجنة لعدم بره بوالديه والإحسان إليهما وطاعتهما بالمعروف. فطاعة الوالدين وبرهما والإحسان إليهما من الأسباب الواقية من دخول النار. وعقوقهما من أسباب دخول النار إن لم تدركه رحمة الله تعالى . 

[ays_poll id=4]
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى