صحة حديث

حديث لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة صحة الحديث وشرحه

إن كوننا مسلمين يحتم علينا دراسة الأحاديث النبوية الشريفة لنلم بدقائق ديننا، ومن الأحاديث النبوية الشريفة هذا الحديث الذي يحث المسلم على الخوف من عقوبة الله.

وهو حديث لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طَمِع بِجَنَّتِهِ أحدٌ، ولو يَعلمُ الكافرُ ما عند الله من الرَّحمة، ما قَنَطَ من جَنَّتِهِ أحدٌ.

وفي هذا المقال المقدم من موقع دعاء المسلم سوف نتناول معًا هذا الحديث الشريف بالشرح والتفصيل.

حديث لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلمُ المؤمنُ ما عند الله من العقوبة، ما طَمِع بِجَنَّتِهِ أحدٌ، ولو يَعلمُ الكافرُ ما عند الله من الرَّحمة، ما قَنَطَ من جَنَّتِهِ أحدٌ». وهذا الحديث حديث صحيح رواه مسلم.

فهذا الحديث قد جمع بين صفتي الرجاء والطمع في رحمة الله والخوف والخشية من عقابه، ونوَّه إلى ضرورة كون المؤمن على علم بما أعده الله لعباده من العقاب في الحياة الدنيا أو في الحياة الآخرة.

وعلى حسب كون العقاب هذا للكفار أم هو مُعد للعباد العصاة، الأمر الذي سيجعل العاصي يخاف ويتراجع عن المحرمات مخافة من عقاب الله ولا يتساهل في أداء الصالحات رجاء تحصيل ما عند الله.

ولو لم يعلم سوى بالعقوبة ولم يكن على دراية بمدى عظم رحمة الله تعالى سيصبح هذا سببًا في عزوفه عن كونه مؤمنًا تقيًا نقيًا.

وفي الجهة الأخرى لو كان الكافر على علم بما جهزه الله من النعيم والجزاء الوفير للمؤمنين لكان هذا سببًا في إيمانه برحمة الله، ومن هذا الحديث نستنتج أنخ يجب على المؤمن الحق أن يجمع بين الرجاء والخوف.

قال تعالى : (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم، وأن عذابي هو العذاب الأليم). 

مرشح لك: صحة حديث من أعان ظالما سلطه الله عليه

شرح حديث حديث لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طَمِع بِجَنَّتِهِ أحدٌ

وقد يتساءل البعض عن شرح حديث لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة، وسنقوم بشرحه لكم على النحو التالي:

  • لو يعلم المؤمن الموحد وليس الكافر المشرك، حتى لا يعتمد المرء على الرجاء فقط، ويقول لنفسه: أنا أرجو رحمة رب العباد، وأنا سأعتمد على هذه الرحمة فقط وسأترك العبادات، حتى أنني سأترك للصلاة والصوم أيضًا! وهذا خطأ فادح، فالإنسان الذي يتمنى أن تصيبه الرحمة سوف يبذل قصارى جهده حتى يستحقها.
  • وفي هذا الحديث: (لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة) نستنتج أنه ربما يعاقب المرء وإن كان قال: ” لا إله إلا الله “، بعقوبات عظيمة في نار فهناك مجموعة من عصاة الموحدين قد قالوا: لا إله إلا الله ووحدوا الله، وهم على هذا دخلوا نار جهنم بسبب عصيانهم لله بآفات ألسنتهم وجوارحهم، فبالآفات التي بادرت منهم استحقوا بها العقوبة.
  • قال: (ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد)، فالكافر لو كان على علم بما عند الله من رحمة واسعة ما يأس من جنته، بل سارع وتاب حتى يستحق أن يدخل في دين الله عزَّ وجل.
  • وقد قال سبحانه في كتابه: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، فلو علم الكافر ما عند الله من الرحمة لظن أن الله سيشمله بها بل وسيدخله الجنة أيضًا على كفره وشركه بالله سبحانه، ومعاذ لله سبحانه وتعالى أن يخلف وعده، فقد وعد عباده المؤمنين بجنته، وأوعد عباده العصاة والكفار بناره، فمن مات وهو مشرك بالله تعالى لا يستحق أن يدخل جنته.

نعتقد أنه يهمك: صحة حديث خيركم من بكر بالانثى

صحة حديث لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة

” لو يعلَمُ المؤمِنُ ما عندَ اللهِ مِنَ العقوبَةِ ، ما طَمِعَ في الجنةِ أحدٌ ، ولَوْ يَعْلَمُ الكافِرُ ما عندَ اللهِ مِنَ الرحمةِ ما قنطَ مِنَ الجنةِ أحدٌ”.

بين يدينا حديث من رواية الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه الأمر الذي يجعلنا نتوصل إلى أنه حديث صحيح مما لا شك فيه، وقد أخرجه الترمذي، كما وصححه الألباني في كتابه الجامع.

ويوجد إخراج آخر لنفس هذا الحديث قد أخرجه مسلم في كتابه باختلاف يسير في لفظه، لكن يبقى المعنى على ما هو عليه.

اقرأ أيضا: ما صحة حديث العين تدخل الرجل القبر

معنى قنط في قوله صلى الله عليه وسلم ولو يعلم الكافر ما عند الله ما قنط من رحمته أحد

قال صلى الله عليه وسلم ( ولو يعلم الكافر ما عند الله ما قنط من رحمته أحد ).

فلو علم الكافر ما أعده الله لعباده المؤمنين لما يأس من رحمة الله، بل وسارع إلى الدخول في دين الله.

وأصبح من عباده المؤمنين الذين يقترن عندهم الخوف والرجاء بحلقة ثالثة وهي تذكر عظمة الله تعالى ومدى كثرة نعمه على عباده، الأمر الذي ينتج عنه حب الله تعالى.

وبهذا تتحقق له صفة العبودية لله، كما في قوله تعالى: “غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ”.

قال الحسن -رحمه الله تعالى-: “إن قومًا ألهتهم أماني المغفرة، حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: إني لأحسن الظن بربي، وكذب لو أحسن الظن لأحسن العمل”.

وقال أحد السلف: “رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان”.

فإن النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، تحث على الخوف والرجاء، فهما لصيقان لا يتفارقان وينبغي أن لا يفرغ منهما قلب أي مؤمن كان من كان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجىء، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن.

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

” الواجب على المكلف ذكرًا كان أو أنثى ألا ييأس، ولا يقنط ويدع العمل ، بل يكون بين الرجاء والخوف يخاف الله ، ويحذر المعاصي ، ويسارع في التوبة.

ويسأل الله العفو، ولا يأمن من مكر الله ويقيم على المعاصي ويتساهل ؛ ولكن يحذر معاصي الله ، ويخافه ولا يأمن ، بل يكون بين الخوف والرجاء “.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

” إن غلب على العبد الرجاء؛ وقع في الأمن من مكر الله، وإن غلب عليه الخوف؛ وقع القنوط من رحمة الله، وكلاهما من كبائر الذنوب “.

وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله: متى يجد العبد طعم الراحة ؟

فقَالَ: ” عند أول قدم يضعها فِي الجنة “طبقات الحنابلة”.

وعليه فإن اطلاع الكافر على ما عند الله من رحمة شاملة وجنة واسعة ومغفرة لا آخر لها، لما يأس من كرم الله.

وإلى هنا قراءنا الأعزاء نكون قد وفقنا بفضل الله وكرمه إلى الانتهاء من مقالنا الذي كان بعنوان حديث لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة، ونتمنى أن يكون المقال قد نال على رضاكم ولاقى استحسانًا منكم، وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.

اقرأ المزيد:

[ays_poll id=4]
المصدر
صحيح مسلم
اظهر المزيد

نهاد أشرف

حاصلة على ليسانس لغة عربية من كلية الدراسات الإسلامية والعربية _ جامعة الأزهر_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى