كتاب البداية والنهاية تم تأليفة من قبل الحافظ بن كثير. وفيه عرض لبداية ونهاية تاريخ الكون منذ بدأ خلق السماء والارض. وبداية خلق أدم وحواء. وأمر الله سبحانه وتعالى للملائكة بالسجود لسيدنا أدم عليه السلام. ورفض ابليس السجود له. وكذلك تعليم الله لأدم الاسماء كلها واخبار الملائكه بهذة الاسماء. وذكر بن كثير في كتابه البداية والنهاية ,خلق العرش والكرسي وكذلك السموات والارض. وذكر في البداية والنهاية أيضا قصص النبيين. كما جاء في البداية والنهاية تأريخ بن كثير للفتن وعصورها وماحدث بها. وذكر البعث والنشور.
كتاب البداية والنهاية
يقول بن كثير عن كتاب البداية والنهاية ,
” فهذا الكتاب أذكر فيه بعون الله وحسن توفيقه ما يسره الله تعالى بحوله وقوته من ذكر مبدأ المخلوقات. من خلق العرش والكرسي والسماوات، والأرضين. وكذلك قصص النبيين. حتى تنتهي النبوة إلى أيام نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه. ثم نذكر ما بعد ذلك إلى زماننا. ونذكر الفتن والملاحم وأشراط الساعة. ثم البعث والنشور وأهوال القيامة. وما ورد في ذلك من الكتاب والسنة والآثار والأخبار المنقولة المعقولة عند العلماء وورثة الأنبياء.”
بن كثير مؤلف كتاب البداية والنهاية
البداية والنهاية pdf
جزء من مقدمة كتاب البداية والنهاية. الحمد لله الأول والآخر. الباطن الظاهر. الذي هو بكل شيء عليم. الأول فليس قبله شيء. الآخر فليس بعده شيء. الظاهر فليس فوقه شيء الباطن فليس دونه شيء. الازلي القديم الذي لم يزل موجودا بصفات الكمال. ولا يزال دائما مستمرا باقيا سرمديا بلا انقضاء ولا انفصال ولا زوال. يعلم دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء. في الليلة الظلماء، وعدد الرمال. وهو العلي الكبير المتعال، العلي العظيم الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا. ورفع السموات بغير عمد. وزينها بالكواكب الزاهرات. وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وسوى فوقهن سريرا، شرجعا عاليا منيفا متسعا مقبيا مستديرا. وهو العرش العظيم – له قوائم عظام، تحمله الملائكة الكرام، وتحفه الكروبيون عليهم الصلاة والسلام، ولهم زجل بالتقديس والتعظيم. وكذا أرجاء السموات مشحونة بالملائكة. ويفد منهم في كل يوم سبعون ألفا إلى البيت المعمور بالسماء الرابعة لا يعودون إليه. آخر ما عليهم في تهليل وتحميد وتكبير وصلاة وتسليم. ووضع الارض للانام على تيار الماء. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام قبل خلق السماء. وأنبت فيها من كل زوجين اثنين. دلالة للالباء من جميع ما يحتاج العباد إليه في شتائهم وصيفهم، ولكل ما يحتاجون إليه ويملكونه من حيوان بهيم. وبدأ خلق الانسان من طين، وجعل نسله من سلالة من ماء مهين، في قرار مكين. فجعله سميعا بصيرا، بعد ان لم يكن شيئا مذكورا. وشرفه بالعلم والتعليم. خلق بيده الكريمة آدم أبا البشر. وصور جثته ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته. وخلق منه زوجه حواء أم البشر فآنس بها وحدته، وأسكنهما جنته، واسبغ عليهما نعمته. ثم أهبطهما إلى الارض لما سبق في ذلك من حكمة الحكيم. وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، وقسمهم بقدرة العظيم ملوكا ورعاة، وفقراء وأغنياء، وأحرارا وعبيدا، وحرائر وإماء.
ابن كثير البداية والنهاية
البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء اسماعيل بن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774 ه.
حققه ودقق اصوله وعلق حواشيه علي شيري الجزء الاول دار إحياء التراث العربي.
مقدمة كتاب البداية والنهاية
وقال البخاري في كتاب بدء الخلق، وروي عن عيسى بن موسى غنجار عن رقية عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال ” سمعت عمر بن الخطاب يقول قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم.
وأهل النار منازلهم ” حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه ” قال أبو مسعود الدمشقي في أطرافه هكذا قال البخاري، وإنما رواه عيسى غنجار عن أبي حمزة عن رقية، وقال الامام أحمد بن حنبل رحمه الله في مسنده: حدثنا أبو عاصم حدثنا عزرة بن ثابت، حدثنا علباء بن أحمر اليشكري: حدثنا أبو زيد الانصاري، قال قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صلاة الصبح، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر، ثم نزل فصلى الظهر.
ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى العصر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس فحدثنا بما كان، وما هو كائن فأعلمنا أحفظنا ” انفرد باخراجه مسلم فرواه في كتاب الفتن من صحيحه عن يعقوب بن ابراهيم الدورقي وحجاج بن الشاعر، جميعا عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل عن عزرة عن علباء عن أبي زيد عمرو بن أخطب بن رفاعة الانصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
فصل قال الله تعالى في كتابه العزيز (الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل) [ الزمر: 62 ] فكل ما سواه تعالى فهو مخلوق له، مربوب ومدبر، مكون بعد أن لم يكن
محدث بعد عدمه.
فالعرش الذي هو سقف المخلوقات إلى ما تحت الثرى، وما بين ذلك من جامد وناطق الجميع خلقه، وملكه وعبيده وتحت قهره وقدرته، وتحت تصريفه ومشيئته (خلق السموات والارض وما بينهما في ستة أيام.
ثم استوى على العرش.
يعلم ما يلج في الارض، وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وهو معكم أينما كنتم، والله بما تعملون بصير) [ الحديد: 4 ].
وقد أجمع العلماء قاطبة لا يشك في ذلك مسلم أن الله خلق السموات والارض، وما بينهما في ستة أيام كما دل عليه القرآن الكريم.
فاختلفوا في هذه الايام أهي كأيامنا هذه أو كل يوم كألف سنة مما تعدون ؟ على قولين كما بينا ذلك في التفسير، وسنتعرض لايرادة في موضعه.
واختلفوا هل كان قبل خلق السموات والارض شئ مخلوق قبلهما.
فذهب طوائف من المتكلمين إلى أنه لم يكن قبلهما شئ وأنهما خلقتا من العدم المحض.
وقال آخرون بل كان قبل السموات والارض مخلوقات أخر لقوله [ تعالى ] (وهو الذي خلق السموات والارض في ستة أيام وكان عرشه على الماء) [ يونس: 3 ] الآية.
وفي حديث عمران بن حصين كما سيأتي ” كان الله ولم يكن قبله شئ وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شئ ثم خلق السموات والارض “
حمل أيضا: تحميل سورة البقرة.
تحميل كتاب البداية والنهاية لابن كثير كاملا pdf
اضغط هنا للتحميل
البداية والنهاية لابن كثير pdf
وقال الامام أحمد بن حنبل حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة حدثنا أبو يعلى (1) بن عطاء عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين لقيط بن عامر العقيلي. أنه قال ” يا رسول الله أين كان (2) ربنا قبل أن يخلق السموات والارض ؟ قال: كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء (3) ثم خلق عرشه على الماء. ” ورواه عن يزيد بن هرون عن حماد بن سلمة به.
ولفظه أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ وباقيه سواء وأخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح ثلاثتهم عن يزيد بن هرون. وقال الترمذي حسن.
واختلف هؤلاء في أيها خلق أولا ؟ فقال قائلون خلق القلم قبل هذه الاشياء كله. وهذا هو اختيار ابن جرير، وابن الجوزي، وغيرهما قال ابن جرير، وبعد القلم السحاب الرقيق.
واحتجوا بالحديث الذي رواه الامام أحمد، وأبو داود
والترمذي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن أول ما خلق الله القلم.
ثم قال له أكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة. ” لفظ أحمد (4).
وقال الترمذي حسن صحيح غريب.
والذي عليه الجمهور فيما نقله الحافظ أبو العلاء الهمداني وغيره (أن العرش مخلوق قبل ذلك) وهذا هو الذي رواه ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس. كما دل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (5).
حيث قال: حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو [ بن عبد الله بن عمرو ] بن السرح حدثنا ابن وهب أخبرني أبو هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن الجيلي (6) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” كتب الله مقادير الخلائق (7) قبل أن يخلق السموات والارض بخمسين ألف سنة، قال وعرشه على الماء قالوا فهذا التقدير هو كتابته بالقلم المقادير.
وقد دل هذا الحديث أن ذلك بعد خلق العرش فثبت تقديم العرش على القلم الذي كتب به المقادير.
وقد دل هذا الحديث أن ذلك بعد خلق العرش فثبت تقديم العرش على القلم الذي كتب به المقادير كما ذهب إلى ذلك الجماهير.
ويحمل حديث
القلم على أنه أول المخلوقات من هذا العالم.
ويؤيد هذا ما رواه البخاري عن عمران بن حصين: قال قال أهل اليمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ” جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الامر فقال كان الله ولم يكن شئ قبله * وفي رواية معه، وفي رواية غيره ” وكان عرشه على الماء.
وكتب في الذكر كل شئ وخلق السموات والارض ” وفي لفظ: ثم خلق السموات والارض.
فسألوه عن ابتداء خلق السموات والارض.
ولهذا قالوا جئناك نسألك عن أول هذا الامر فأجابهم عما سألوا فقط.
ولهذا لم يخبرهم بخلق العرش كما أخبر به في حديث أبي رزين المتقدم.
قال ابن جرير وقال آخرون ” بل خلق الله عزوجل الماء قبل العرش ” رواه السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: قالوا ” ان الله كان عرشه على الماء (1)، ولم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء ” وحكى ابن جرير عن محمد بن اسحاق أنه قال ” أول ما خلق الله عزوجل النور والظلمة ثم ميز بينهما فجعل الظلمة ليلا أسود مظلما، وجعل النور نهارا مضيئا مبصرا ” قال ابن جرير وقد قيل: ” إن الذي خلق ربنا بعد القلم الكرسي.
ثم خلق بعد الكرسي العرش، ثم خلق بعد ذلك الهواء والظلمة.
ثم خلق الماء فوضع عرشه على الماء ” والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل فيما ورد في صفة خلق العرش والكرسي.
قال الله تعالى (رفيع الدرجات ذو العرش) [ غافر: 15 ] وقال تعالى (فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم) [ المؤمنون: 116 ] وقال الله (لا إله إلا هو رب العرش العظيم) [ المؤمنون: 86 ] وقال (وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد) [ البروج: 14 ].
وقال تعالى (الرحمن على العرش استوى) [ طه: 5 ] وقال (استوى على العرش) [ الرعد: 2 ] في غير ما آية من القرآن، وقال تعالى (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به
ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما) [ غافر: 7 ] وقال تعالى (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) [ الحاقة: 17 ] وقال تعالى (وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين) [ الزمر: 75 ] وفي الدعاء المروي في الصحيح في دعاء الكرب ” لا إله إلا الله العظيم الحليم.
لا إله إلا الله رب العرش الكريم.
لا إله إلا الله رب السموات ورب الارض رب العرش الكريم “.
نبذة عن الكتاب
قال الامام أحمد (2) حدثنا عبد الرزاق حدثنا يحيى بن العلاء عن عمه شعيب بن خالد حدثني سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الاحنف بن قيس عن عباس بن عبد المطلب. قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء فمرت سحابة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتدرون ما هذا قال قلنا السحاب قال والمزن قال قلنا والمزن قال والعنان. قال فسكتنا فقال هل تدرون كم بين السماء والارض قال قلنا الله ورسوله أعلم.
قال بينهما مسيرة خمسمائة سنة ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة. وكشف كل سماء (1) مسيرة خمسمائة سنة وفوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والارض. ثم فوق ذلك ثمانية أو عال بين ركبهن واظلافهن كما بين السماء والارض. ثم على ظهورهم (2) العرش بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والارض والله فوق ذلك وليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شئ “.
هذا لفظ الامام أحمد.
ورواه أبو داود وابن ماجة والترمذي من حديث سماك باسناده نحوه.
وقال الترمذي هذا حديث حسن. وروى شريك بعض هذا الحديث عن سماك ووقفه ولفظ أبي داود ” وهل تدرون بعد ما بين السماء والارض ؟ قالوا لا ندري. ” قال ” بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتين أو ثلاثة وسبعون سنة ” والباقي نحوه.
وقال أبو داود حدثنا عبد الاعلى بن حماد ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار، وأحمد بن سعيد
الرباطي قالوا حدثنا وهب بن جرير.
قال أحمد كتبناه من نسخته وهذا لفظه.
قال حدثنا أبي قال سمعت محمد بن اسحاق يحدث عن يعقوب بن عقبة عن جبير بن محمد بن جبير ابن مطعم عن أبيه عن جده قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم اعرابي فقال يارسول الله جهدت الانفس وجاعت العيال (3) ونهكت الاموال وهلكت الانعام.
فاستسق الله لنا فانا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك. ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ويحك أتدري ما تقول ” وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه.
ثم قال ” ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك ويحك أتدري ما الله إن عرشه على سمواته لهكذا ” وقال بأصابعه مثل القبة عليه وإنه ليئط به أطيط الزحل بالراكب.
قال ابن بشار في حديثه ” ان الله فوق عرشه وعرشه فوق سمواته ” وساق الحديث.
وقال عبد الاعلى وابن المثنى وابن بشار عن يعقوب بن عقبة وجبير بن محمد بن جبير عن أبيه عن جده. قال أبو داود والحديث بإسناد أحمد بن سعيد وهو الصحيح.
وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن معين وعلي بن المديني ورواه جماعة منهم عن ابن اسحاق كما قال أحمد أيضا. وكان سماع عبد الاعلى وابن المثنى وابن بشار في نسخة واحدة فيما بلغني.
تفرد بإخراجها أبو داود، وقد صنف الحافظ أبو القاسم بن عساكر الدمشقي جزءا في الرد على هذا الحديث.
سماه (ببيان الوهم والتخليط الواقع في حديث الاطيط) واستفرغ وسعه في الطعن على محمد بن إسحاق بن بشار راويه.
المصادر
(1) مسند أحمد ج 4 / 11 و 12 وفي الروايتين عن يعلى بن عطاء وليس أبو يعلى.
(2) قوله أين كان: للسؤال عن المكانة دون المكان كما نص عليه ابن العربي في شرح الترمذي.
وفي عماء أي في حجاب معنوي يحول دون العلم به فيتفق الممدود والمقصور في المعنى.
قال يزيد بن هارون: عماء أي ليس معه شئ.
وهو أجود ما ذكره.
وحمل (في) على معنى (على) هنا لا يجدي ولا يبعد الامر عن التمكن.
(3) ما تحته هواء: قال البيهقي في الاسماء: أي ما تحت السماء هواء، والمراد بالسحاب ليس السحاب المعهود الذي فوقه هواء وتحته هواء بل المراد السحاب المعنوي والحجاب الذي يحجب عن العلم به سبحانه (قاله ابن العربي).
(4) مسند أحمد ج 5 / 317.
(5) 46 كتاب القدر (2) باب حجاج آدم صلى الله عليه وآله – 16 – 2653 ص 2044.
(6) عند مسلم: الحبلي.
(7) كتب الله مقادير الخلائق: قال العلماء: المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره، لا أصل التقدير.
فإن ذلك أزلي لا أول له.
(1) قال ابن العربي: ” وكان عرشه على الماء ” والذي عندي أنه أراد بالعرش الخلق كله – وهو بهذا المعنى وعلى الماء بمعنى يمسكه بقدرته لا بعمد ترافده وأساس يعاضده.
(2) مسند أحمد ج 1 / 206 وسقط فيه الاحنف بن قيس.
(1) كذا في الاصل، وفي المسند وكيف بالياء، ولعل الصواب كثف.
(2) في المسند: ثم فوق ذلك.
(3) كذا في الاصل، وفي سنن أبي داود: وضاعت العيال.
مواضيع قد تهمك :
- معنى انا خلقناكم من ذكر وانثى
- معنى ان الله لايحب الفرحين
- معنى ومنكم من يرد الى ارذل العمر
- معنى ولا تمنن تستكثر
- معنى جعل فتنة الناس كعذاب الله
- معنى زبر الحديد في القرأن الكريم
الجزء الاول
فقد قال الله تعالى في كتابه (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا) وقد قص الله على نبيه صلى الله عليه وسلم خبر ما مضى من خلق المخلوقات، وذكر الامم الماضين، وكيف فعل بأوليائه، وماذا أحل بأعدائه.
وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لامته بيانا شافيا، سنورد عند كل فصل ما وصل إلينا عنه، صلوات الله وسلامه عليه.
من ذلك تلو الآيات الواردات (1) في ذلك فأخبرنا بما نحتاج إليه من ذلك، وترك ما لا فائدة فيه مما قد يتزاحم على علمه ويتراجم في فهمه طوائف من علماء أهل الكتاب مما لا فائدة فيه لكثير من الناس إليه.
وقد يستوعب نقله طائفة من علمائنا ولسنا نحذو حذوهم ولا ننحو نحوهم ولا نذكر منها إلا القليل على سبيل الاختصار.
ونبين ما فيه حق مما وافق ما عندنا، وما خالفه فوقع فيه الانكار.
فأما الحديث الذي رواه البخاري رحمه الله في صحيحه عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائل ولا حرج، وحدثوا عني ولا تكذبوا علي ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ” فهو محمول على الاسرائيليات المسكوت عنها عندنا.
فليس عندنا ما يصدقها ولا ما يكذبها، فيجوز روايتها للاعتبار.
وهذا هو الذي نستعمله في كتابنا هذا * فأما ما شهد له شرعنا بالصدق فلا حاجة بنا إليه استغناء بما عندنا.
وما شهد له شرعنا منها بالبطلان فذاك مردود لا يجوز حكايته، إلا على سبيل الانكار والابطال.
فإذا كان الله، سبحانه وله الحمد، قد أغنانا برسولنا محمد، صلى الله عليه وسلم، عن سائر الشرائع،
وبكتابه عن سائر الكتب، فلسنا نترامى على ما بأيديهم مما وقع فيه خبط وخلط، وكذب ووضع، وتحريف وتبديل، وبعد ذلك كله نسخ وتغيير.
فالمحتاج إليه قد بينه لنا رسولنا، وشرحه وأوضحه.
عرفه من عرفه، وجهله من جهله.
كما قال علي بن أبي طالب ” كتاب الله فيه خير ما قبلكم ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم وهو الفضل ليس بالهزل.
من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ” وقال أبو ذر، رضي الله عنه: ” لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير بجناحيه إلا أذكرنا منه علما “
(1/7)
وقال البخاري في كتاب بدء الخلق، وروي عن عيسى بن موسى غنجار عن رقية عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال ” سمعت عمر بن الخطاب يقول قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم.
وأهل النار منازلهم ” حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه ” قال أبو مسعود الدمشقي في أطرافه هكذا قال البخاري، وإنما رواه عيسى غنجار عن أبي حمزة عن رقية، وقال الامام أحمد بن حنبل رحمه الله في مسنده: حدثنا أبو عاصم حدثنا عزرة بن ثابت، حدثنا علباء بن أحمر اليشكري: حدثنا أبو زيد الانصاري، قال قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صلاة الصبح، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر، ثم نزل فصلى الظهر.
ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى العصر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس فحدثنا بما كان، وما هو كائن فأعلمنا أحفظنا ” انفرد باخراجه مسلم فرواه في كتاب الفتن من صحيحه عن يعقوب بن ابراهيم الدورقي وحجاج بن الشاعر، جميعا عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل عن عزرة عن علباء عن أبي زيد عمرو بن أخطب بن رفاعة الانصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
فصل قال الله تعالى في كتابه العزيز (الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل) [ الزمر: 62 ] فكل ما سواه تعالى فهو مخلوق له، مربوب ومدبر، مكون بعد أن لم يكن
محدث بعد عدمه.
فالعرش الذي هو سقف المخلوقات إلى ما تحت الثرى، وما بين ذلك من جامد وناطق الجميع خلقه، وملكه وعبيده وتحت قهره وقدرته، وتحت تصريفه ومشيئته (خلق السموات والارض وما بينهما في ستة أيام.
ثم استوى على العرش.
يعلم ما يلج في الارض، وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وهو معكم أينما كنتم، والله بما تعملون بصير) [ الحديد: 4 ].
وقد أجمع العلماء قاطبة لا يشك في ذلك مسلم أن الله خلق السموات والارض، وما بينهما في ستة أيام كما دل عليه القرآن الكريم.
فاختلفوا في هذه الايام أهي كأيامنا هذه أو كل يوم كألف سنة مما تعدون ؟ على قولين كما بينا ذلك في التفسير، وسنتعرض لايرادة في موضعه.
واختلفوا هل كان قبل خلق السموات والارض شئ مخلوق قبلهما.
فذهب طوائف من المتكلمين إلى أنه لم يكن قبلهما شئ وأنهما خلقتا من العدم المحض.
وقال آخرون بل كان قبل السموات والارض مخلوقات أخر لقوله [ تعالى ] (وهو الذي خلق السموات والارض في ستة أيام وكان عرشه على الماء) [ يونس: 3 ] الآية.
وفي حديث عمران بن حصين كما سيأتي ” كان الله ولم يكن قبله شئ وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شئ ثم خلق السموات والارض ” وقال الامام أحمد بن
(1/8)
حنبل حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة حدثنا أبو يعلى (1) بن عطاء عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين لقيط بن عامر العقيلي أنه قال ” يا رسول الله أين كان (2) ربنا قبل أن يخلق السموات والارض ؟ قال: كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء (3) ثم خلق عرشه على الماء ” ورواه عن يزيد بن هرون عن حماد بن سلمة به.
ولفظه أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ وباقيه سواء وأخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح ثلاثتهم عن يزيد بن هرون، وقال الترمذي حسن.
واختلف هؤلاء في أيها خلق أولا ؟ فقال قائلون خلق القلم قبل هذه الاشياء كلها، وهذا هو اختيار ابن جرير، وابن الجوزي، وغيرهما قال ابن جرير، وبعد القلم السحاب الرقيق.
واحتجوا بالحديث الذي رواه الامام أحمد، وأبو داود
والترمذي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن أول ما خلق الله القلم.
ثم قال له أكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة ” لفظ أحمد (4).
وقال الترمذي حسن صحيح غريب.
والذي عليه الجمهور فيما نقله الحافظ أبو العلاء الهمداني وغيره (أن العرش مخلوق قبل ذلك) وهذا هو الذي رواه ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس كما دل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (5).
حيث قال: حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو [ بن عبد الله بن عمرو ] بن السرح حدثنا ابن وهب أخبرني أبو هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن الجيلي (6) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” كتب الله مقادير الخلائق (7) قبل أن يخلق السموات والارض بخمسين ألف سنة، قال وعرشه على الماء قالوا فهذا التقدير هو كتابته بالقلم المقادير.
وقد دل هذا الحديث أن ذلك بعد خلق العرش فثبت تقديم العرش على القلم الذي كتب به المقادير.
وقد دل هذا الحديث أن ذلك بعد خلق العرش فثبت تقديم العرش على القلم الذي كتب به المقادير كما ذهب إلى ذلك الجماهير.
ويحمل حديث
__________
(1) مسند أحمد ج 4 / 11 و 12 وفي الروايتين عن يعلى بن عطاء وليس أبو يعلى.
(2) قوله أين كان: للسؤال عن المكانة دون المكان كما نص عليه ابن العربي في شرح الترمذي.
وفي عماء أي في حجاب معنوي يحول دون العلم به فيتفق الممدود والمقصور في المعنى.
قال يزيد بن هارون: عماء أي ليس معه شئ.
وهو أجود ما ذكره.
وحمل (في) على معنى (على) هنا لا يجدي ولا يبعد الامر عن التمكن.
(3) ما تحته هواء: قال البيهقي في الاسماء: أي ما تحت السماء هواء، والمراد بالسحاب ليس السحاب المعهود الذي فوقه هواء وتحته هواء بل المراد السحاب المعنوي والحجاب الذي يحجب عن العلم به سبحانه (قاله ابن العربي).
(4) مسند أحمد ج 5 / 317.
(5) 46 كتاب القدر (2) باب حجاج آدم صلى الله عليه وآله – 16 – 2653 ص 2044.
(6) عند مسلم: الحبلي.
(7) كتب الله مقادير الخلائق: قال العلماء: المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره، لا أصل التقدير.
فإن ذلك أزلي لا أول له.
[ * ]
(1/9)
القلم على أنه أول المخلوقات من هذا العالم.
ويؤيد هذا ما رواه البخاري عن عمران بن حصين: قال قال أهل اليمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ” جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الامر فقال كان الله ولم يكن شئ قبله * وفي رواية معه، وفي رواية غيره ” وكان عرشه على الماء.
وكتب في الذكر كل شئ وخلق السموات والارض ” وفي لفظ: ثم خلق السموات والارض.
فسألوه عن ابتداء خلق السموات والارض.
ولهذا قالوا جئناك نسألك عن أول هذا الامر فأجابهم عما سألوا فقط.
ولهذا لم يخبرهم بخلق العرش كما أخبر به في حديث أبي رزين المتقدم.
قال ابن جرير وقال آخرون ” بل خلق الله عزوجل الماء قبل العرش ” رواه السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: قالوا ” ان الله كان عرشه على الماء (1)، ولم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء ” وحكى ابن جرير عن محمد بن اسحاق أنه قال ” أول ما خلق الله عزوجل النور والظلمة ثم ميز بينهما فجعل الظلمة ليلا أسود مظلما، وجعل النور نهارا مضيئا مبصرا ” قال ابن جرير وقد قيل: ” إن الذي خلق ربنا بعد القلم الكرسي.
ثم خلق بعد الكرسي العرش، ثم خلق بعد ذلك الهواء والظلمة.
ثم خلق الماء فوضع عرشه على الماء ” والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل فيما ورد في صفة خلق العرش والكرسي.
قال الله تعالى (رفيع الدرجات ذو العرش) [ غافر: 15 ] وقال تعالى (فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم) [ المؤمنون: 116 ] وقال الله (لا إله إلا هو رب العرش العظيم) [ المؤمنون: 86 ] وقال (وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد) [ البروج: 14 ].
وقال تعالى (الرحمن على العرش استوى) [ طه: 5 ] وقال (استوى على العرش) [ الرعد: 2 ] في غير ما آية من القرآن، وقال تعالى (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به
ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما) [ غافر: 7 ] وقال تعالى (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) [ الحاقة: 17 ] وقال تعالى (وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين) [ الزمر: 75 ] وفي الدعاء المروي في الصحيح في دعاء الكرب ” لا إله إلا الله العظيم الحليم.
لا إله إلا الله رب العرش الكريم.
لا إله إلا الله رب السموات ورب الارض رب العرش الكريم “.
وقال الامام أحمد (2) حدثنا عبد الرزاق حدثنا يحيى بن العلاء عن عمه شعيب بن
__________
(1) قال ابن العربي: ” وكان عرشه على الماء ” والذي عندي أنه أراد بالعرش الخلق كله – وهو بهذا المعنى وعلى الماء بمعنى يمسكه بقدرته لا بعمد ترافده وأساس يعاضده.
(2) مسند أحمد ج 1 / 206 وسقط فيه الاحنف بن قيس.
[ * ]
(1/10)
خالد حدثني سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الاحنف بن قيس عن عباس بن عبد المطلب قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء فمرت سحابة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتدرون ما هذا قال قلنا السحاب قال والمزن قال قلنا والمزن قال والعنان قال فسكتنا فقال هل تدرون كم بين السماء والارض قال قلنا الله ورسوله أعلم.
قال بينهما مسيرة خمسمائة سنة ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكشف كل سماء (1) مسيرة خمسمائة سنة وفوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والارض، ثم فوق ذلك ثمانية أو عال بين ركبهن واظلافهن كما بين السماء والارض ثم على ظهورهم (2) العرش بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والارض والله فوق ذلك وليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شئ “.
هذا لفظ الامام أحمد.
ورواه أبو داود وابن ماجة والترمذي من حديث سماك باسناده نحوه.
وقال الترمذي هذا حديث حسن، وروى شريك بعض هذا الحديث عن سماك ووقفه ولفظ أبي داود ” وهل تدرون بعد ما بين السماء والارض ؟ قالوا لا ندري ” قال ” بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتين أو ثلاثة وسبعون سنة ” والباقي نحوه.
وقال أبو داود حدثنا عبد الاعلى بن حماد ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار، وأحمد بن سعيد
الرباطي قالوا حدثنا وهب بن جرير.
قال أحمد كتبناه من نسخته وهذا لفظه.
قال حدثنا أبي قال سمعت محمد بن اسحاق يحدث عن يعقوب بن عقبة عن جبير بن محمد بن جبير ابن مطعم عن أبيه عن جده قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم اعرابي فقال يارسول الله جهدت الانفس وجاعت العيال (3) ونهكت الاموال وهلكت الانعام.
فاستسق الله لنا فانا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ويحك أتدري ما تقول ” وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه.
ثم قال ” ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك ويحك أتدري ما الله إن عرشه على سمواته لهكذا ” وقال بأصابعه مثل القبة عليه وإنه ليئط به أطيط الزحل بالراكب.
قال ابن بشار في حديثه ” ان الله فوق عرشه وعرشه فوق سمواته ” وساق الحديث.
وقال عبد الاعلى وابن المثنى وابن بشار عن يعقوب بن عقبة وجبير بن محمد بن جبير عن أبيه عن جده، قال أبو داود والحديث بإسناد أحمد بن سعيد وهو الصحيح.
وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن معين وعلي بن المديني ورواه جماعة منهم عن ابن اسحاق كما قال أحمد أيضا، وكان سماع عبد الاعلى وابن المثنى وابن بشار في نسخة واحدة فيما بلغني.
تفرد بإخراجها أبو داود، وقد صنف الحافظ أبو القاسم بن عساكر الدمشقي جزءا في الرد على هذا الحديث.
سماه (ببيان الوهم والتخليط الواقع في حديث الاطيط) واستفرغ وسعه في الطعن على محمد بن إسحاق بن بشار راويه.
وذكر كلام الناس فيه، ولكن قد روى هذا اللفظ من طريق أخرى عن غير محمد بن
__________
(1) كذا في الاصل، وفي المسند وكيف بالياء، ولعل الصواب كثف.
(2) في المسند: ثم فوق ذلك.
(3) كذا في الاصل، وفي سنن أبي داود: وضاعت العيال.
[ * ]
(1/11)
اقرأ أيضا : كتاب صيد الخاطر
اسحاق، فرواه عبد بن حميد وابن جرير في تفسيريهما، وابن أبي عاصم والطبراني في كتابي السنة لهما، والبزار في مسنده والحافظ الضياء المقدسي في مختارته من طريق أبي إسحاق السبيعي عن عبد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ” أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت
ادع الله أن يدخلني الجنة قال فعظم الرب تبارك وتعالى وقال ” إن كرسيه وسع السموات والارض وإن له أطيطا كأطيط الزحل الجديد من ثقله.
عبد الله بن خليفة هذا ليس بذاك المشهور.
وفي سماعه من عمر نظر.
ثم منهم من يرويه موقوفا ومرسلا، ومنهم من يزيد فيه زيادة غريبة والله أعلم * وثبت في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ” إذا سألتم الله الجنة فسلوه الفردوس فانه أعلى الجنة وأوسط الجنة وفوقه عرش الرحمن “.
يروى وفوقه بالفتح على الظرفية، وبالضم.
قال شيخنا الحافظ المزي وهو أحسن، أي وأعلاها عرش الرحمن.
وقد جاء في بعض الآثار (أن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش وهو تسبيحه وتعظيمه) وما ذاك إلا لقربهم منه.
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ (1).
وذكر الحافظ ابن الحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب صفة العرش عن بعض السلف ” أن العرش مخلوق من ياقوتة حمراء بعد ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة ” وذكرنا عند قوله تعالى (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) [ المعارج: 4 ] أنه بعد ما بين العرش إلى الارض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة وإتساعه خمسون ألف سنة.
وقد ذهب طائفة من أهل الكلام إلى أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه محيط بالعالم من كل جهة ولذا سموه الفلك التاسع والفلك الاطلس والاثير.
وهذا ليس بجيد لانه قد ثبت في الشرع أن له قوائم تحمله الملائكة، والفلك لا يكون له قوائم ولا يحمل، وأيضا فانه فوق الجنة والجنة فوق السموات وفيها مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والارض فالبعد الذي بينه وبين الكرسي ليس هو نسبة فلك إلى فلك.
وأيضا فإن العرش في اللغة عبارة عن السرير الذي للملك كما قال تعالى (ولها عرش عظيم) [ النمل: 23 ].
وليس هو فلكا ولا تفهم منه العرب ذلك.
والقرآن إنما نزل بلغة العرب فهو سرير ذو قوائم تحمله الملائكة، وهو كالقبة على العالم وهو سقف المخلوقات.
قال الله تعالى (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا) [ غافر: 7 ] وقد تقدم في حديث الاوعال أنهم ثمانية، وفوق ظهورهن العرش،
وقال تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) [ الحاقة: 17 ] وقال شهر بن حوشب ” حملة العرش ثمانية أربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد
__________
(1) قال أبو علي بن محمد بن مهدي الطبري: الصحيح من التأويل في هذا أن يقال الاهتزاء هو الاستبشار والسرور (الاسماء والصفات ص 503).
[ * ]
(1/12)
2 Comments