عَنْ أبي يَعلَي شدَّادِ بنِ أوْسٍ رضي اللهُ عنه، عنِ النَّبي صلَّي اللهُ عليه وسلمَّ قال: « الكيس من دان نفسه، وعَمِلَ لما بعدَ الموْتِ، والعاجزُ مَنْ أتْبعَ نَفْسَه هواها، وتمنَّي علَي اللهِ، رواه التِّرمِذيُّ.
وفي هذا المقال المقدم لكم من موقع دعاء المسلم سنستعرض معًا هذا الحديث الشريف بالشرح والتفصيل.
حديث الكيس من دان نفسه
عن شداد بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله».
ويروى عن عمر بن الخطاب، قال: ” حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وتزينوا للعرض الأكبر، وإنما يخف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا.
ويروى عن ميمون بن مهران، قال: «لا يكون العبد تقيًا حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه من أين مطعمه وملبسه».
معنى الكيس: هو الشخص العاقل المطلع على عواقب الأمور وعلى دراية بكل ردات الأفعال عن ما يبدر منه.
معنى من دان نفسه: أي حاسبها وجعلها ذليلة واستعبدها تحت طوعه، بل وقهرها حتى باتت ذليلة مطيعة تنقاد لأوامر الله تعالى.
( وعمل لما بعد الموت ) أي تجهز قبل نزول الموت به، فبات يسير بنور من خالقه عرف به أن الموت نهاية الدنيا، فالكيس من أدرك العاقبة لأفعاله.
( والعاجز ) هو المتهاون في أمور دينه ( من أتبع نفسه هواها) اتبع من الإتباع أي جعلها متبعة لهواها، فلم يزجرها ويصدها عن الشهوات، ولم يصدها حتى عن الغوص في المحرمات.
( وتمنَّى على الله ) وورد في الجامع الصغير: ” وتمنَّى على الله الأماني” فهو بهذا مع كونه مفرطًا في إتمام طاعات ربه، وانقياده خلف شهواته؛ لا عذر له، بل ويتمنى مع كل هذا أن الله سيعفو عنه.
قال الطيبي رحمه الله: والعاجز الذي غلبت عليه نفسه وعمل ما أمرته به نفسه فصار عاجزًا لنفسه، فأتبع نفسه هواها وأعطاها ما اشتهته، قوبل الكيس بالعاجز؛ والمقابل الحقيقي للكيس السفيه الرَّأي وللعاجز القادر ليؤذن بأن الكيس هو القادر، والعاجز هو السفيه وتمنَّى على الله أي يذنب ويتمنى الجنة من غير الاستغفار والتوبة.
Ù Ø±Ø´Ø ÙÙ: صØØ© ØدÙØ« Ø®ÙرÙ٠٠٠بÙر باÙاÙØ«Ù
ما صحة حديث الكيس من دان نفسه
“الكَيِّسُ مَن دان نفسَه وعمِل لما بعدَ الموتِ والعاجِزُ مَن أتبَع نفسَه هَواها وتمنَّى على اللهِ الأمانِيَّ” أخرجه الترمذي (2459)، وأحمد (17164)
الراوي : شداد بن أوس
المصدر : الخطب المنبرية
خلاصة حكم المحدث : صحيح
قال الشيخ الألباني -رحمه الله- في سلسلته الضعيفة تحت رقم 5319: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله)؛ حديث ضعيف.
كما وأخرجه الطبراني في كتابه “الكبير” وفي “مسند الشاميين” بصيغة : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام البيروتي – مكحول -: حدثنا إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي قال: سمعت أبي يحدث عن ثور بن يزيد وغالب بن عبد الله عن مكحول عن ابن غنم عن شداد بن أوس عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: … إلخ.
وأجاب: بأن هذه الطريق للراوية خالية من أبو بكر بن أبي مريم الضعيف الذي ذكر في إسناد أحمد، والترمذي، ولكن لم يتنبه لهذا صاحبنا من السلف حيث قال: “رواه أحمد … ” إلخ!
ومن طريق أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن شداد بن أوس.
فلعل ما أورده السلفي كان في البداية على هذه الطريق؛ فطبع بعدها سهوًا على نفس الطريق الأولى!
ونقول أن السكوت عن هذه الطريق لا يجوز؛ لأنه بهذا قد يهيئ الذي لا علم له أنه من الممكن أن يرجح بهذا طريق ابن أبي مريم! وهذا غير لائق؛ فهي تخوي من هو أشر منه؛ هو إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي؛ وقال الدارقطني: “متروك”.
وقال ابن حبان: “يروي عن أبيه الأشياء الموضوعة، وأبوه أيضًا لا شيء”.
فهو تحريف خطير في حديث ضعيف.
اÙرأ Ø£Ùضا: صØØ© ØدÙØ« ٠٠أعا٠ظاÙ٠ا سÙط٠اÙÙ٠عÙÙÙ
ما معنى الكيس في حديث الكيس من دان نفسه
الكيّس من دان نفسه، والمراد بالكيس هنا، هو: الإنسان الحازم العاقل، الذي يجيد إدارة الأمور، ويتأمل في عواقب كل أفعاله. ويحترس الاحتراس اللازم، وعكس الكيس الإنسان الذي لا ينظر أبعد من موطئ قدميه، فهو متبع لهواه.
فكلما ترائت أمامه شهوة انقاد خلفها، وكلما مال هواه إلى شيء سار خلفه، فهذا هو عكس الكيس؛ لأن الإنسان الرزين العاقل يعي جيدًا أن هذه الدنيا ما هي إلا عرض زائل.
وأن الآخرة هي النعيم السرمدي الدائم، لا تزول ولا تحول، فليس من الحكمة أن يختار الإنسان العرض الزائل ويترك النعيم الباقي، فهذا ينافي العقل، ويخالف المروءة.
وقد ذكر لنا بعض أهل العلم مثالًا على هذا بإنسان قد انطلق يهرب من أسد يلاحقه، فقفز متعلقًا على غصن شجرة، فبينما هو على حاله تلك.
نظر أسفل قدميه فإذا بحفرة فيها تنين قد فتح فمه في انتظار سقوطه حتى يلتهمه، ثم نظر إلى بداية هذا الغصن الذي تعلق به، فإذا بفأرين أسود وأبيض يقرضان الغصن باستمرار حتى أنه أوشك على الوقوع.
وبحث حوله فرأى خلية فيها عسل، وعندما تذوق عسلها فتن بحلاوته، فلم يكف عن لعق هذا العسل، ووقتها نسى أمر الفأرين ونسي الحفرة.
الحفرة هي القبر الذي ينتظرنا، والفأران الأسود والأبيض هما تعاقب الليل والنهار، وهذا الغصن هو العمر، لابد أن ينقضي مهما طال الزمن.
فالكيس لا ينشغل بحلاوة هذا العسل الذي هو شهوات الدنيا، وإنما يضع خطة الخلاص، والخروج من هذه الورطة بسلام.
ÙعتÙد Ø£ÙÙ ÙÙÙ Ù: تجربت٠٠ع اÙصÙاة عÙ٠اÙÙبÙ
معنى دان نفسه
دان نفسه: أي حاسبها ولامها وزمها، ولم يترك نفسه ترتع بجموح في بحر الشهوات والمعاصي، فهو يعلم أن ذلك عاقبته وخيمة
يقول: وعمل لما بعد الموت، لأنه يعي جيدًا أنه هو المستقبل الحقيقي، وهي الدار الأصلية التي فيها مآلنا، فإما إلى جنة عرضها كعرض السموات والأرض، أو إلى نار مستعرة لا تخمد إلى أبد الأبد، ووقتها لا ينفع الندم، ولا يشفع الاستعتاب، ولا تسعف التوبة.
فحياة المرء منا ستون عامًا، أو ربما سبعون، وللبعض عدد سنوات أقل، حتى إذا وصل أحد منا إلى مائة وعشرين عامًا عاد مثل الطفل، ينسى ويتعثر حتى لا يستطيع أن يقوم بأبسط حاجاته، وقد استعاذ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من الهرم.
اÙرأ Ø£Ùضا: Ùصص ٠ؤثرة ع٠أخÙا٠اÙرسÙÙ
صحة حديث الْكَيِّسُ من دان نفسه إسلام ويب
أخبرنا الحسن بن حليم المروزي ، ثنا أبو الموجه ، ثنا عبدان ، ثنا عبد الله ، أنبأ أبو بكر بن أبي مريم الغساني ، عن ضمرة بن حبيب ، عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – : ” الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله ” .
وهذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه .
Ù Ø±Ø´Ø ÙÙ: Ùصص ع٠ÙÙاÙØ© اÙÙتÙÙ
الكَيِّسُ من دان نفسه الدرر السنية
الكَيِّسُ مَن دان نفسَه وعمِل لما بعدَ الموتِ والعاجِزُ مَن أتبَع نفسَه هَواها وتمنَّى على اللهِ الأمانِيَّ
الراوي : [شداد بن أوس] | المحدث : محمد ابن عبد الوهاب | المصدر : الخطب المنبرية
الصفحة أو الرقم : 49 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه الترمذي (2459)، وأحمد (17164) مختصرًا، وابن ماجه (4260) باختلاف يسير، والديلمي في ((الفردوس)) (4930).
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا لليوم والذي كان بعنوان الكيس من دان نفسه، وقد وقفنا على كل كبيرة وصغيرة في هذا الحديث، جعلنا الله وإياكم مِن مَن يستعمون القول فيتبعون أحسنه.
اقرأ المزيد:
