عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أهل القرآن، أوتروا؛ إن الله وتر يحب الوتر ». وفي مقالنا لليوم المقدم من موقع دعاء المسلم سنستعرض معًا هذا الحديث الشريف.
حديث إن الله وتر يحب الوتر
قالَ عليٌّ رضيَ اللَّهُ عنهُ : ألا إنَّ الوترَ ليسَ بِحَتمٍ كصلاتِكُمِ المَكْتوبةِ ، ولَكِنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أوترَ ثمَّ قالَ : أوتِروا يا أَهْلَ القُرآنِ ، أوتِروا فإنَّ اللَّهَ وترٌ يحبُّ الوترَ.
إن الوتر هو آخر ما يصليه العبد المسلم عقب انتهائه من كل النوافل، ويعرف أن الوتر يكون بركعات فردية، فيمكن أن يكون بركعة أو ثلاثة أو خمسة ..إلخ.
وفي هذا الحديث الذي بين أيدينا يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “الوتر ليس بحتم”، أي: أن صلاة الوتر ليست صلاة فرض واجبة “كصلاتكم المكتوبة”.
أي: مثلما فرضت عليكم الصلوات الخمس “ولكن سن رسول الله صلى الله عليه وسلم”، أي: أنها سنة عن الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه. وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “إن الله وتر”، أي: هو مفرد بذاته في ألوهيته “يحب الوتر”.
أي: يحب من تتفل له بالصلاة أن يوتر فيها، فيجازيه ويثيبه عليها؛ “فأوتروا يا أهل القرآن”، أي: يعني: من آمن بالله وصدق به، والمراعين لحفظ القرآن وقرآته.
وقد يكون المقصود بالوتر ها هنا قيام الليلِ، ومنه يطلق على صلاة الليل، وخاطبهم بأهل قرآن أي حري بهم أن يصلوه ولا يتركوه.
وقد قيل خلاف ذلك؛ أن افراده أهل القرآن بالذكر دليل على أن الوتر ليس واجبًا على الكل، ولو كان كذلك لأصبح عامًا، وإن أهل القرآن لهم منزلة ومكانة دون العوام، ويؤكد على هذا القول أيضًا قول ابن مسعود للأعرابي في رِواية : “ليس لك ولا لأصحابِك” وقولُ علي رضِي الله عنه: “الوِترُ ليس بحَتمٍ”.
ما معنى ان الله وتر يحب الوتر؟
أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لِلَّهِ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ اسْمًا، مِئَةٌ إلَّا واحِدًا، لا يَحْفَظُها أحَدٌ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ، وهو وتْرٌ يُحِبُّ الوَتْرَ). وإن الوتر في اللغة يعني: الواحد من الشيء.
والوتر في اصطلاح العقيدة أي أنّ الله -تعالى قد تفرد في كل صفاته لا يضاهيه أحد فهو واحد فرد صمد لا شريك ولا شبيه له في أي صفة من صفاته. فهو فقط من أفرد له الكمال في صفاته، وواحد في كل ما يفعله لا شريك له فيها ولا مُعين، قال -سبحانه-: (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ*اللَّـهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، وقال أيضًا: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
فها هنا قد أثبت الله لنفسه صفتي السمع والبصر ونفى أن يكونا كسمع أو بصر البشر العاديين، أي أن الله -تعالى- لا يماثله أو يشابه أي أحد. وأيضًا جميع صفاته -سبحانه وتعالى- قد تفرد بها عن من سواه.
كما ويشير هذا الحديث النبوي أن الله -تعالى- يحب الوتر ويفضله على سائر العبادات والطاعات، والمقصود بالوتر الذي يحبه الله في هذا الحديث عدة معان هي:
- تفضيل الوتر؛ أي العدد الفردي في العبادات والطاعات.
- تفضيل صلاة الوتر على غيرها من صلوات النوافل، استدلالاً بما ورد أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ اللهَ وِترٌ يُحبُّ الوِترَ فأوتروا يا أهلَ القرآنِ).
- الإشارة إلى مَن يعبد الله -سبحانه- عليه أن يعبده وحده بإفراده بالعبادة والإخلاص والوحدانية وعدم الإشراك به شيئًا.
مرشح لك: أدب الاستيقاظ من النوم ليلا
ما صحة حديث ان الله وتر يحب الوتر؟
إن حديث إن الله وتر يحب الوتر حديث صحيح أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب ساعات الوتر، برقم (996)، ومسلم. كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل، وعدد ركعات النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليل. وأن الوتر ركعة، وأن الركعة صلاة صحيحة، برقم (745).
هل يستجاب الدعاء في صلاة الوتر؟
قال رسول الله صلى اللهُ عليهِ وسلّم: ” مَن خافَ أن لا يقوم آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإنّ صلاة آخر الليل مشهودة، وذلِكَ أفضَل”.
فإن فضل صلاة الوتر في استجابة الدعاء يكمن في أنها من أفضل الأوقات التي يفضل الدعاء فيها، فهي تصلى في وقت من الليل لا توجد فيه أي صلوات آخرى مفروضة. وعليه فإن ثوابها عظيم لأبعد حد، فالعبد يصلي الوتر ويتضرع لربه ويدعوه ويستغفره بالخشوع والرجاء والتوسل. وهذا كله يثاب العبد عليه ويزيد من منزلته عند الله وبين ملائكته، ويلقي الله بالبركة في حياته ورزقه وآخرته.
كما وأن صلاة الوتر تعرف بأنها من أجمل الصلوات التي سنها علينا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام نحن أمته الإسلامية. فصلاة الوتر تعد من أعظم العبادات التي يمكن للعبد أن يتقرب بها إلى الله، كما وأنها عبادة تمنح وتضفي على حياة كل مسلم الاطمئنان والسكينة، وتعظم من أجره. فهي تكون في آخر الليل حيث ساعة الاستجابة تكون فيها، وفي هذا الوقت لا يرد الله دعاء أي داعٍ يحتاج له.
ففي صلاة الوتر يخلو العبد مع ربه، وهي تصنف من أفضل العبادات حيث أن هذه الصلاة لا تكون إلا بين العبد وربه، فهي تصلى في السر والخفاء بعيدًا عن الأعين. يتوسل بين يديه دون نفاق أو خداع، فما أجمل صلاة الوتر؛ الكثير نائم في فراشه وكسول، وهذا ترك دفء سريره والنوم والراحة ليقف بين من بيده ملكوت السموات والارض.
اÙرأ Ø£Ùضا: صØØ© ØدÙØ« Ø®ÙرÙ٠٠٠بÙر باÙاÙØ«Ù
هل صلاة الوتر سنة ام فرض؟
إن صلاة الوتر سنة عند أهل العلم، وهذا ما عليه غالبية أهل العلم وجمهوره على أنها سنة، وليست فرض. ولهذا قال علي : ليس الوتر حتماً كآية مكتوبة، ولكنها سنة سنها رسول الله ﷺ. ومن الأدلة على ذلك قوله ﷺ: لما سئل عن ما زاد على الصلوات الخمس قال له السائل: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع لما سأل عن الصلاة، أخبره عن الصلوات الخمس، ثم قال السائل: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع.
فإن الوتر سنة مؤكدة تؤدى في الوقت ما بين صلاة العشاء إلى بزوغ الفجر، وأدناه ركعة واحدة. وإن كثر فهو زيادة في الأجر والثواب. والزيادة تكون كثلاث أو خمس أو أكثر من ذلك المهم أن يكون رقم، وأعلاه إحدى عشرة أو ثلاثة عشرة. كما كان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام. وإن عمدت إلى الإوتار بأكثر من هذا فلا حرج إن شاء الله، وقد قال ﷺ: أوتروا يا أهل القرآن، فإن الله وتر يحب الوتر “.
والأمر هنا وقع للتأكيد وليس للوجوب بل هو عند أهل العلم للتأكيد.
وإلى هنا قراءنا الأعزاء نختم مقالنا لليوم والذي كان بعنوان إن الله وتر يحب الوتر، وقد حاولنا أن نوضح جاهدين كل ما يتعلق بالحديث، ونتمنى أن ينال على إعجابكم.
اقرأ المزيد:
- قصص عن كفالة اليتيم
- قصص عن إطعام الطعام
- قصص عن الاستغفار
- لا تسبوا أصحابي
- صحة حديث الجنة تحت اقدام الامهات