نعرض في هذا المقال صاحب الجنتين. حيث أن هذة القصة من أفضل القصص المذكورة في القرآن الكريم. والتي وردت من ضمن قصص عديدة في سورة الكهف. وقصة صاحب الجنتين من السور المكية التي نزلت بأكملها مرة واحدة وقد بين لنا رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – فضل هذه السورة العظيم، فيما معناه أنه من يقوم بحفظ أول عشر آيات منها فقد يعصم من فتنة المسيح الدجال (1). وقد تحتوي السورة على عدد من القصص الممتعة فقد تبدأ بقصة أهل الكهف ويليها قصة صاحب الجنتين، وغيرها من القصص الآخرى.
قصة صاحب الجنتين
أما عن قصة صاحب الجنتين، فهي من أفضل القصص الممتعة التي يمكننا أن نحصل من خلالها على عبر وعظات عديدة.
وقد دارت أحداث هذه القصة بين رجلين أحدهما فقير، والآخر جعل الله له حديقتين لا مثيل لها في الروعة والجمال.
الحديقتين تمتلئان بالأعشاب وحول هذه الأعناب أشجار النخيل التي تحيط بها وبين الأشجار توجد العديد من النباتات والزرع الأخضر الجميل.
كما أن الثمار الناضجة الجميلة تملأ الحديقتين والأشجار غاية في الروعة والجمال.
وقد كان هناك حوار بين الرجلين الفقير والغني، حيث كان الغني يتباهى بما عنده من بساتين وزرع وثمار، وقد فجر الله له بين البساتين نهرا من المياه ليكتمل المظهر الجمالي ويصبح أكثر روعة ولكن الفقير المؤمن قد طلب منه ألا يغتر، حين قال له أنا أكثر منك مالا، وأعز نفرا.
وقد قال في نفسه أنه لا يمكن أن تزول هذه الجنان ولا هذا الثمار. وعندما رآه الفقير متكبر ومغرورة نصحه وذكره بالخالق – سبحانه وتعالي- ولكنه أصر على كفره وجحوده.
ولذا فقد أباد الله كل شيء في البساتين وأصبحت جرداء. عن طريق الصاعقة الجبارة التي أمرها الله أن تبيد هذه البساتين لكي يتعظ الكافر ويعلم أن الله على كل شيء قدير.
قصة صاحب الجنتين للنابلسي
فسر النابلسي قصة صاحب الجنتين بكل وضوح لكي يتمكن العديد من الأشخاص من فهمها جيدا والحصول على العبرة والموعظة منها.
لأن العديد منا يقرأ سورة الكهف ويقرأ قصة صاحب الجنتين بالقرآن ولكنه لا يفقه شيء عنها ولا يعرف المعنى المقصود منها. فهناك حكمة ربانية جليلة وراء هذه القصة الرائعة وهي، أن الإنسان ضعيف، أمام قدرة الله عز وجل.
لأنه الجبار القادر المقتدر ولذا فقد وضح النابلسي أن الغني في هذه القصة كان مغرور بما لديه من حدائق ومال وسلطة. وأنه تكبر وكفر بنعم ربه عليه ولذا فقد زالت كافة النعم من بين يديه. لكي يعود لربه وأن الفقير كان حديثه صحيح ولكنه لم يستمع إليه.
ويمكن أن نلخص ماجاء في قصة صاحب الجنتين على النحو التالي:
قصة صاحب الجنتين هي قصة معبرة ومؤثرة تعلمنا دروساً كثيرة في الإيمان والشكر والتوكل على الله. تروي القصة حواراً بين رجلين، أحدهما كان غنياً ومتكبراً، والآخر كان فقيراً ومتواضعاً. أنعم الله على الغني بجنتين من أعناب ونخل وزرع، وفجر بينهما نهراً. ولكن الغني لم يشكر الله على نعمته، بل ظن أنها دائمة وأبدية، وأنه لا يحتاج إلى أحد غير نفسه. وقال لصاحبه الفقير: “أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً”. فوعظه الفقير بالإيمان بالله والرضا بقضائه، وأن يقول: “ما شاء الله لا قوة إلا بالله”. وحذره من أن يفتنه ماله، وأن يزول عنه نعمته، فلا يبقى له شيء. ولكن الغني لم يستمع إلى نصيحة صديقه، بل استمر في كفره وغروره. فأرسل الله عليه عذاباً شديداً، فأحرق جنتيه، وجعلها خراباً. فصار الغني نادماً على ما فاته من خير، وعلى ما قاله من شر. وتاب إلى الله، وسأل صديقه الفقير أن يسامحه، وأن يدعو له بالمغفرة.
قصة صاحب الجنتين للاطفال
سوف يحصل الأطفال على عديد من العبر من خلال هذه القصة الرائعة وهي قصة صاحب الجنتين. وسوف نستطيع أن نعلمهم أن التكبر من أكثر الصفات السيئة وأن العظمة لله الخالق وحده.
وأن الإيمان بالله أمر في غاية الأهمية ولابد أن نشكر الله على نعمه علينا طوال الوقت، لأن من يشكر الله يزيده من نعمه، وأما من يكفر بنعم الله سوف تزول من عنده وسوف يندم على كل شيء في وقت لا يصلح فيه الندم.
وأن المال والسلطة والرزق كله بأمر الله وقدرته، ولابد ألا نغتر بها ولا نتكبر على بعضنا لأننا جميعنا عباد الله.
قصة صاحب الجنتين للشعراوي
روى لنا الشيخ الشعراوي رحمه الله، قصة صاحب الجنتين بكل سلاسة وتوضيح حيث ذكر، أنه كان هناك رجلين من بني إسرائيل وقد ورث كل منهم مبلغ من المال من أبيه، قام أحدهم بشراء الأراضي وبناء القصر وأصبح من الأغنياء وكان لديه جنان لا ينقصهم أي شيء، ولكنه كثيرا ما كان يجحد بنعمة ربه عليه ولا يؤمن أن هذا من فضل الله عليه.
وأنه كان مغرور بما لديه من سلطة ومال وجاه وكثيرا ما يقول لأخيه أنه الأكثر في المال والأولاد وأن هذه الجنان لا أحد يقدر على إبادتها، وأنها باقية له طوال الحياة.
بينما أخاه تصدق بماله لله وكان يبتغي رضا الله سبحانه وتعالى، وتصدق بالأموال التي ورثها عن أبيه وكان ينصح أخاه أن يشكر ربه على النعمة ولكنه لا يستجيب له.
ولذا فقد خسر كل شيء بأمر الله وقد زالت النعمة من عنده بسبب كفره وتكبره وغروره الدائم.
فوائد قصة صاحب الجنتين
هناك العديد من الفوائد التي نحصل عليها من خلال قصة صاحب الجنتين التي ذكرت في القرآن الكريم، حيث نستفيد منها أن الله سبحانه وتعالى هو القادر على كل شيء ولابد أن أن نشكره على النعم العظيمة التي يمنحنا إياها.
● وقد نتعلم منها أن الإيمان بالله هو الباقي وإن الغرور والتكبر لابد أن نتخلى عنه، وايضا اختيار الله سبحانه وتعالى هو الأفضل دائما وأن الإنسان ضعيف أمام قدرة الله الجبار.
كما نعمل لآخرتنا لا للدنيا لأن الحياة الدنيا فانية والآخرة هي الباقية
ولابد أن نحرص على العمل الصالح لكي نحظى برضا الله والنعيم في الآخرة.
تأملات في قصة صاحب الجنتين
عندما نتأمل في قصة صاحب الجنتين. سوف نجد أن الله عز وجل قادر على كل شيء، وأنه سبحانه وتعالى يعطي كل ذو سعة من سعته.
فقد يعطي بلا حدود ولكن لابد أن نشكره ونحمده ولا نغتر لأن القوة والجبروت هم صفات لله وحده وليست للبشر ولذا لا أن نبتعد عن الغرور وأن نحمد الله بشكل دائم.
قصة صاحب الجنتين من أروع القصص التي تعطي لنا مجالا للتفكر في عظمة الله، وهو الذي يحيي العظام وهي رميم ويجعل الأرض الجرداء بساتين وبقدرته يمحي كل الأخضر في لحظة واحدة لكي يعود الإنسان إلى صوابه.
فعندما أباد الله الجنتين بما فيهما كان هذا عبرة للرجل صاحب الجنتين ليذكره أن الخالق موجود وقادر، ولكي يعود لصوابه ويستغفر فيرحمه الله ويغفر له.
قصة الرجلين في سورة الكهف
وردت قصة الرجلين في سورة الكهف ضمن العديد من القصص الرائعة. وقد جاءت لتكون عبرة لمن لا يعتبر، وتترك لما الموعظة بأن نظل تحت لواء الإيمان.ولا نبتعد عن الله ودائما نشكره على نعمه وفضله علينا.
وقد سردت لنا هذه القصة ووضحت الفرق بين المؤمن والكافر. وأن الرزق من عند الله لا تدخل للإنسان به هو سبحانه العالم، وهو من يوزع الأرزاق بالمساواة بين عباده.
قصة أصحاب الجنتين للأطفال
عندما نود أن نحكي قصة دينية للاطفال، يمكنهم الإستفادة منها فقد تكون قصة أصحاب الجنتين وأيضا,
الاسراء والمعراج لما فيها من أمور عظيمة عن قدرة الله سبحانه وتعالى يجب ان يحيط بها كل مسلم ويعلمها لذريته. فهي من أروع القصص المناسبة التي يمكن سردها للأطفال ليأخذوا منها العبرة والموعظة الحسنة.ويمكننا أن نبسطها لهم، حيث نقول إن هناك رجلين أحدهما غني ومتكبر والآخر فقير مؤمن بقدرة الله سبحانه وتعالى.
وكان يمتلك هذا الغني حديقتين في غاية الروعة وكان لديه من الأموال. ما جعله متكبر على غيره ويظن أنه لا يوجد أحد مثله وهذا المال والبساتين جعلت منه كافر بنعم الله. وكثيرا ما كان ينصحه الفقير ألا يتكبر وأن يحمد الله ويشكره على النعمة التي بين يديه حتى لا تزول منه.
ولكن الغني لا يسمع له وظن أن هذه القوة والمال والبساتين لا يمكن أن تزول. ولكن الله القادر على كل شيء أزال هذه البساتين وجعلها فارغة بلا ثمار ولا أشجار. ليتعظ الغني ويعلم أن الله موجود وقادر على كل شيء.
اقرا ايضا :
المصادر
(1) أخرجه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيره.