صحة حديث صوموا تصحوا ، لا يستطيع أحد منا إنكار أهمية الصيام بالنسبة لنا. فهو في المقام الأول عبادة لا يستهان بها لأنها فرض وركن من أركان الإسلام الخمس. إلى جانب كم الفوائد الصحية التي تعود علينا بصيامنا لله. والصيام يصلح القلب كما يصلح البدن أيضا. ويولد بداخلنا الشعور بالفقراء والمساكين والمحتاجين الذين لا يجدون قوت يومهم. ولأن صحة حديث صوموا تصحوا أمر في غاية الأهمية. لأن الكثيرون من الخطباء والوعاظ يرددونه كثيراً. وجب علينا توضيح صحة الحديث صوموا تصحوا في هذا المقال. تابعوا قراءة الفقرات إلى النهاية.
صحة الحديث صوموا تصحوا
إن حديث صوموا تصحوا رواه أكثر من صاحبي من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. وفي مقدمتهم أبو هريرة رضي الله عنه. وروايته أخرجها العقيلي في الضعفاء 2/92. وكذلك الطبراني في الأوسط 8/213 بلفظ “اغزوا تغنموا، وصوموا تصحوا، وسافروا تستغنوا”. من زهير بن محمد عن سهيل بن أبي صالح وعن أبيه وعن أبي هريرة رضي الله عنه.
أما الرواية الثانية فهي عن علي رضي الله عنه وأخرجها وابن عدي في الكامل 2/357. من طريق حسين بن عبدالله بن ضميرة بن أبي ضميرة وعن أبيه وعن جده عن علي رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “صوموا تصحوا”.
والجدير بالذكر أن إسناد هذه الرواية تالف ذلك لأن حسين متروك الحديث. ومن قال ذلك هم أحمد والنسائي وغيرهم. حتى أن البخاري قد قال عنه أنه حديث منكر.
أما بالنسبة إلى الرواية الثالثة فهبةعن ابن عباس رضي الله عنه والذي أخرجه هو ابن عدي في الكامل 7/57. من نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “سافروا تصحوا، وصوموا تصحوا، واغزوا تغنموا”.
أما عن الإسناد فهو ضعيف جداً هذا ما لم يكن موضوع. خاصةً أن ابن راهويه قال عن نهشل بن سعيد أنه كاذب. وأخبر النسائي أن هذا الحديث متروك.
ونخلص من كل ما سبق أن الحديث له أكثر من رواية وعلى الرغم من ضعف السند واختلاف الفقهاء وعلماء الحديث في صحته. إلا أن ذلك لا يعني بطلان المعنى الذي يحتوي عليه الحديث. فبالفعل يخبرنا الأطباء المسلمون وغير المسلمون عن أهمية الصيام على صحة الإنسان. بل أن الصيام يعتبر من بروتوكولات علاج بعض الأمراض.
لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار وجود أمرين هامين في هذا الموضوع. أما الأول فهو أن المحدثين يصبون اهتمامهم في بيان مدى صحة حديث صوموا تصحوا الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم. وما إذا ثبتت صحته أم لا. ومن الوارد أن يكون معناه صحيحاً لكم صحة المعنى وثبوت الحديث عن الصحابي شيء وصحة نسبه إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم شيء آخر.
مدى صحة حديث صوموا تصحوا
والأمر الثاني هو حديث بعض الناس عن فوائد العبادات على صحة الإنسان بمبالغة غير محمودة. لدرجة أن البعض يظن أن تلك العبادة شرعت من أجل الفوائد الطبية فقط لا غير. لكن الهدف الأعظم من ذلك هو عبادة الله رب العالمين بها والتذلل إليه عن طريقها.
ما يزيد من إيماننا بالله سبحانه وتعالى واتباع سنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه. وبالتالي فإن بالفعل للعبادات أهمية كبيرة لصحتنا البدنية إلا أن هدفها الرئيسي هو عبادة الله ولا يجب علينا أن نضعها في حجم لا يليق بها.
صحة حديث صوموا تصحوا اسلام ويب
إن صحة حديث صوموا تصحوا اسلام ويب يقول عنها هذا الموقع بأنه حديث ضعيف. والذي قام بتضعيفه هو الحافز العراقي في المغنى عن حمل الأسفار وغيره.
كما أن الشيخ الألباني رحمة الله عليه قد قام بتضعيفه أيضاً في «السلسلة الضعيفة». ومن المعاصرين الشيخ علي حشيش والمنذري. ويشير الموقع إلى أنه حتى في حالة أن رأينا أئمة المساجد والخطباء يقولونه كثيراً في خطبهم فهذا لا يتوجب بالضرورة صحة الحديث.
ذلك لأن الكثير منهم لا يهتم بالبحث في دقة ما يقوله على لسانه. ولا يبحث في إسناده. كما أن بعض من هؤلاء الخطباء يتساهلون في أحاديث كثيرة لا تتناول قضية الحلال والحرام. وبالفعل وضح الموقع في مقالات سابقة له أنه من الممكن أن نعمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال ولا بأس من ذلك.
صحة حديث صوموا تصحوا الدرر السنية
يتحدث موقع الدرر السنية عن صحة حديث صوموا تصحوا فيشير إلى أن اللفظ “صُومُوا تَصِحُّوا” جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه. جاء في ضعيف الجامع صفحة أو رقم 3504. والحكم على حديث صوموا تصحوا هو أنه ضعيف.
مدى صحة الحديث صوموا تصحوا
أولا يجب على كل مسلم ومسلمة ألا يصوموا من أجل الانتفاع من منافع الصيام لصحة الإنسان. فالصيام أمر إلهي وفرض فرضه الله عز وجل علينا لعبادته. وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة.
يقول الله في كتابه العزيز “يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” {1}. ويشير الله جل وعلا إلى أن الصيام فرض على كل مسلم قادر عليه باستثناء المرضى والمسافرين وغيرهم. وهذا ليس من أجل الانتفاع من فوائده في المرتبة الأولى. لكن من أجل تقوى الله عز وجل وإطاعته وتلبية لأمره سبحانه وتعالى.
فمثل الصيام الصلاة والحج وغيرها من العبادات التي فرضها الله علينا. وكونها تمتلك فوائد لصحة الإنسان فهذا من رحمة الله تعالى بنا. وعلى الرغم من مشقة الصيام والصلاة والحج إلا أنه لا يترتب على أي منها أضرار بصحة الإنسان أو تلف لأعضائه.
أما عن مدى صحة حديث صوموا تصحوا فاختلف الحفاظ في تصحيحه وتضعيفه لكن أتفق جميعهم على أن معناه صحيح.
فوائد الصيام علميا
هناك الكثير من الدراسات العلمية التي أُجريت حول فوائد الصيام. ومن بين تلك الدراسات هي دراسة تم نشرها في مجلة Srpski Arhiv Za Celokupno منذ عام 2007 ميلاديا. وتحدثت عن الصيام لمدة ثلاثة أسابيع من شأنه أن يخفض معدل الكوليسترول في الدم بشكل ملحوظ. كما أنه قادر على إذابة الدهون الثلاثية وتحسين مستوى السكر في الدم.
وهناك دراسة أخرى نشرت بصحيفة Obesity منذ عام 2010 ميلاديا. أفادت أنه يمكن تقليل السعرات الحرارية من خلال إتباع نظام الصوم المتقطع ما يقلل من خطر الإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب عامة.
كذلك أثبتت دراسات أخرى أن للصيام أهمية كبيرة في تقليل خطر الإصابة بالزهايمر وتحسين وظائف الدماغ. ويساعد بشكل ملحوظ الأشخاص الذين يعانون من مشاكل القولون العصبى. كما أنه يقلل من خطر الأورام الكبدية ويقلل الكتلة الدهنية ويحتفظ بالكلة العضلية.
تأثير الصيام على الصحة النفسية
نشرت دراسة في صحيفة The Journal of Nutrition, Health and Aging Volume منذ عام 2013 . تم تطبيقها على عدد من الرجال الذين يتمتعون بصحة جيدة وكذلك على عدد من كبار السن. وتم التوصل إلى أن الصيام يتمتع بكفاءة عالية في تحسن الحالة المزاجية بوجه عام. ويقال التوتر والغضب بشكل ملحوظ. كما أنه يساعد على تحسن القوة ويقلل من الاكتئاب.
وأجريت دراسة أخرى على عدد من النساء والفتيات اللواتي يعانين من ارتفاع مستويات الإنفعال. ووجدوا أن للصيام فاعلية كبيرة في تحسين المشاعر العاطفية. ويرفع من الإحساس بالفخر والانجاز.
الصوم في الإسلام
إن الصوم في الإسلام هو عبادة من أهم العبادات التي فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده. وهو في اللغة يعني مطلق الإمساك أو الكف عن شيء ما. مثلاً في قوله تعالى “فقولي إني نذرت للرحمن صوما” {2}.
والصيام ركن من أركان الإسلام الخمسة. وله الكثير من الفضائل. ويفضل القيام به في العشر الأوائل من ذي الحجة. يمكنك الاطلاع على صحة حديث من صام 9 من ذي الحجة.
وهو فرض على كل مسلم ما لم يكن مريضا أو مسافرا أو يعاني من مشكلة عقلية أو إذا كانت امرأة حائضاً أو في وقت النفاس.
فرض الله الصيام في السنة الثانية من الهجرة النبوية. ويكون صوم رمضان إما في حالة رؤية الهلال. أو بأن يستكمل شهر شعبان كاملاً في حالة إن تعذر رؤية هلال رمضان. ويقول الله “كتب عليكم الصيام” والمقصود بكتب هنا أي فُرض. وقوله “كما كتب على الذين من قبلكم” أي أن الصيام فُرض في الشرائع السماوية السابقة.
وقبل فرض الصوم على المسلمين كانوا يصومون يوم عاشوراء. وجاء ذلك في حديث عن عائشة رضي الله عنها “كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما هاجر إلى المدينة صامه، وأمر بصيامه فلما فرض شهر رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه”.
وإلى هنا نكون قد تناولنا صحة حديث صوموا تصحوا بالتفصيل. ووضحنا كل الآراء التي جاءت عن صحة الحديث صوموا تصحوا. كذلك أشرنا إلى أهمية الصيام على صحة الإنسان البدنية والنفسية. وتحدثنا بشكل موجز عن الصيام في الإسلام ومتى فرض. ونتمنى أن ينال هذا المقال إعجابكم.
المصادر:
- {1} سورة البقرة الآية رقم 183.
- {2} سورة مريم الآية رقم 26.
إقرأ أيضاً: صحة حديث من صلي علي الف صلاة