قالوا قديمًا أن الصدق ينجي والكذب يهلك، وهي أكثر من مجرد مقولة بل هي حقيقة مسلم بها ولنا في هذا خير شاهد ودليل. واليوم من خلال موقع دعاء المسلم سنقدم لكم هذا المقال بعنوان الصدق ينجي والكذب يهلك لنبين فضل الصدق وضرر الكذب.
الصدق ينجي والكذب يهلك
إن الصدق من أعظم صفات الخير، وهو من الأخلاق النبيلة الحميدة التي جاءت بها الشريعة لتثبيتها وتأمر بها.
وهو خلق سامي يجسده أهل الفضيلة ويتصفون به في كل مكان وزمان، وينفر منها الأراذل ويبتعدون عنها. ولهذا كان الصدق وصفًا أصيلًا متأصلًا للأنبياء عليهم السلام، وضده قد اشتهر به المنافقين ومن في حكمهم.
حديث إياكم والكذب
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (1)
فمن هذا الحديث نستشف معًا أهمية الصدق في صلاح دين المرأة ودنياه. حتى أن الشخص الذي يتحرى الصدق في أقواله وأفعاله طول الوقت يكافئه الله على صدقه بأن يكتب عند الله بالصادق. وييسر له جميع أموره ويرى من الكرامات العجب العجاب.
أما الكاذب فلا يحصد إلا الهلاك والضياع وفساد الحال والمآل، بالإضافة إلى ذلك فهو يكتب عند الله بالكذاب عفانا الله وإياكم من هذا اللقب وجعلنا من الصادقين المتصدقين.
أحاديث عن الصدق والكذب
وقد ورد في السنة النبوية المطهرة العديد من الأحاديث التي تشير إلى مكانة الصدق وترغب به، وتنفر من الكذب وتبغض متصفيه، ومن هذه الأحاديث ما يلي:
- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
“ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب. ولقد كان الرجل يحدث عند النبي صلى الله عليه وسلم بالكذبة، فما يزال في نفسه، حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة”.
فالصدق هو الخلق الذي يجب أن نلتزمه في كل أمر من أمور حياتنا، صغيرًا كان أو كبيرًا.
- وعن عامر بن ربيعة قال: دعتني أمي يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها، تعال، أعطيك. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وما أردت أن تعطيه؟” قالت: أعطيه تمرًا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أما إنك لو لم تعطيه شيئًا كتبت عليك كذبة”.
ففي هذا الحديث ثمرة من ثمار التربية النبوية وإثبات لقاعدة كبرى في تربية الطفل. فلو رأى الصغير الكبير وهو يكذب، عندها سيعتبره أمرًا سائغًا، وسينشأ فيما بعد على الكذب.
مرشح لك: صحة حديث من صلي علي الف صلاة
وانطلاقًا من هذا المذهب أكد الرسول صلى الله عليه وسلم على ضرورة التحذير من الكذب، حتى فيما يعتقد بعض الناس أنها من الأمور البسيطة التي لا يؤبه لها. فالكذب يبقى كذبًا في كل الأحوال، والصدق دائمًا هو الصدق.
- عن أسماء بنت يزيد قالت: أُتَيِ النبيُّ بطعام، فعرض علينا، فقلنا: لا نشتهيه، فقال: “لا تجمعن جوعًا وكذبًا”.
- قد جاء في أحد الرؤى لرسولنا صلوات الله عليه وسلامه بيان عقوبة الكذب.
حيث قال صلى الله عليه وسلم: “أتاني الليلة آتيان، وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي انطلق.
فانطلقنا: فأتيا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه، فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعيناه إلى قفاه. قال: ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى.
قال: قلت: سبحان الله ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق..”.
“قال: قالا لي أما إنا سنخبرك… وأما الرجل الذي أتيت عليه، يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق”.
عن معاوية بن حيدة القشيري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ويل للذي يحدث فيكذب، ليضحك به القوم، ويل له، ويل له”.
اقرأ أيضا: قيمة الصدق مع الناس وفوائده
آيات قرآنية عن الكذب والصدق
لقد ورد الصدق والكذب في مواضع مختلفة من القرآن الكريم، وسنعرض لكم جزء منها على النحو التالي:
أولًا الصدق:
- الصِّدْق: في قوله – تعالى -: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ﴾. (2)
- 2- صدَّق: وهذا بصيغة الفِعل ﴿ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾، ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾. (3)
- 3- صَادِق: بصيغة فاعل: ﴿ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ). (4)
- أصدق، صَدَق: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾، ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً ﴾. (5)
- الصِّدِّيق، صادق: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾، ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا ﴾. (6)
مرشح لك: الصدق مع الله وثماره وفضله
ثانيًا الكذب، حيث يطلق الكذب في مواضع ذميمة مختلفة، وهذا ما سنبينه على النحو التالي:
- النفاق: في قوله: ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾. (7)
- القذف: ﴿ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾. (8)
- الرد: ﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾ [الواقعة: 2]؛ أي: ليس لها راد. (9)
- الجحود: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾. (10)
- التكذيب: ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ ﴾. (11)
- الافتراء: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ﴾. (12)
وبهذا نكون قد بينا كيف أن الصدق ينجي صاحبه والكذب يهلكه. وكذلك وضحنا أثر الصدق والكذب على الفرد والمجتمع. وقد أوردنا في سطوره مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية الكريمة التي تتحدث عن عظم مكانة الصدق ودنو منزلة الكذب، وغيرها من الموضوعات التي نأمل أن تكون قد نالت إعجابكم قراءنا الأعزاء، جعلنا الله وإياكم من أهل الصدق.
اقرأ أيضا: قصص من السلف الصالح عن الصدق
تعليق واحد