قصة ماشطة فرعون هي قصتنا اليوم بها العديد من العبر والدروس المستفادة. وبالنظر إلي قصة ماشطة فرعون ستعلم أن هناك العديد من النساء. قد عظم شأنهم الله سبحانه وتعالى ورفع من قدرهم وجعل لهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. من أجل أن يعرف الناس جميعا عاما تلو الآخر وحتي يوم القيامة عظمتهم وقدرهم العالي. وذلك جراء من فعلوه وما تركوا خلفهم من بصمة لها شأن عظيم في التأثير علي نفوس العديد من النساء. من بين النساء العظيمة ماشطة فرعون أو بالأحري ماشطة بنت فرعون. سنتعرف معا سويا عبر السطور القادمة علي قصتها وكيف هناك معجزة حقا بقصتها وما الدروس المستفادة من هذه القصة.
قصة ماشطة فرعون
قبل البدء في قصة ماشطة فرعون لابد من معرفة أن مصطلح ماشطة يطلق علي من تقوم بتصفيف الشعر. أو بأعمال الاهتمام بالنساء من حيث الشعر والنظافة وغيرها. أو ما يطلق عليه مصفف الشعر كما هو متعارف عليه الآن.
كانت هذه المرأة تعمل لدي فرعون وابنته وقد آمن زوجها بعبادة الله الواحد الأحد. لكن تم قتله بعد معرفة فرعون إنه قد آمن بالله حيث كان فرعون يري نفسه الإله الأعظم. ظلت هذه المرأة مؤمنة بالله في السر خوفا علي أبنائها الخمسة من طغيان وجبروت فرعون. لأنها كانت تنفق علي أبنائها م بعد قتل فرعون لزوجها ونظرا لحسن أخلاقهم قد من الله عليهم بالإيمان. فقد آمنوا حينها برسالة سيدنا موسى عليه السلام ولكن لم يمضي علي إيمانهم الكثير حتي قتل زوجها.
ماشطة فرعون
كانت ماشطة فرعون تخدم بناته وتقوم بأعمالهم وذات يوم كانت تمشط ماشطة فرعون شعر ابنته. ثم سقط المشط منها وأثناء التقاطها المشط قالت بسم الله. ظلت ابنة فرعون مندهشة بما سمعت وسألتها أتعبدي غير ابي أهناك إلها غيره. قالت لها أعبد الذي خلقني وخلقك وخلقه. أسرعت ابنة فرعون لابيها حتي تخبره بما سمعت من الماشطة ثم ثار بشدة لم يثورها من قبل. نظرا لمعرفته أن هناك أحدا بقصره يعبد غيره فهو كان ليس ظالما طاغيا فحسب بل كان متكبرا بشدة يمليء الغرور قلبه. فلم يري غير نفسه فهو يري نفسه الاله الأعظم وعلي من حوله الخضوع لأوامره.
وما أن أحضر فرعون ماشطة فرعون حتي سألها وهنا لم تنكر إيمانها بالله عز وجل. لكن بداخلها كانت تخاف خوفا شديدا علي أبنائها الخمسة وهي تعلم إنه من قتل زوجها من قبل. ثم هددها فرعون بقتلها وقتل أبنائها إن لم تتراجع عن إيمانها وتخضع له وطغيانه فقط. بعد ذلك قام بإحضار قدح كبير جدا بحجم البقرة تقريبا وملؤه زيت. ثم تركه يغلي كثيرا وإذا به يرسل ليحضر أبنائها الخمسة أمامها ويهددها بهم.
وما أن وصل أبناء ماشطة فرعون حتي ازداد صريخهم وبكاؤهم وظلوا يتوسلون من الخوف. ثم ألقي أكبر أبنائها في الزيت أمامها حتي طفت عظامه. بعد ذلك ألقي الذي يليه وهكذا وكانت تبكي بحرقة علي أبنائها. وها قد أرضعت صغيرها رضيعها حتي جاء الدور عليه وحانت لحظة القاءه في القدح. كانت ستتراجع فورا نظرا لشدة خوفها عليه وحزنها عليه لكن حدثت المعجزة. فقد تحدث رضيعها في هذه اللحظة ويعتبر من ضمن أربعة رضع قد تحدثوا في الإسلام رغم ضعر سنهم من أجل النطق بالحق. قال لها رضيعها استمري يا أمي ولا تحزني فأنتي علي الحق. لذلك رضت بأمرها الواقع وبعد أن ألقوا صغيرها في الزيت طلبت من فرعون أن تدفن مع أبنائها في نفس المكان. وأن يجمع عظامهم معا ثم حانت لحظة القاءها وقد ماتت وهي علي الحق.
قصة ماشطة ابنة فرعون في القرآن
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا ، أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ ؟ فَقَالَ : هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلادِهَا ، قَالَ : قُلْتُ : وَمَا شَأْنُهَا ؟ قَالَ : بَيْنَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ ، إِذْ سَقَطَتْ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا ، فَقَالَتْ : بِسْمِ اللَّهِ ، فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ : أَبِي ؟ قَالَتْ : لا ، وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ ، قَالَتْ : أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ ! قَالَتْ : نَعَمْ ، فَأَخْبَرَتْهُ ، فَدَعَاهَا فَقَالَ : يَا فُلانَةُ ؛ وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيْرِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ؛ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ ، فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلادُهَا فِيهَا ، قَالَتْ لَهُ : إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً ، قَالَ : وَمَا حَاجَتُكِ ؟ قَالَتْ : أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا ، قَالَ : ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنْ الْحَقِّ ، قَالَ : فَأَمَرَ بِأَوْلادِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنْ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ ، وَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ ، قَالَ : يَا أُمَّهْ ؛ اقْتَحِمِي فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ ، فَاقْتَحَمَتْ ) . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : تَكَلَّمَ أَرْبَعَةُ صِغَارٍ : عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلام ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ ، وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ .أخرجه الإمام أحمد في " المسند " (1/309) ، والطبراني (12280) ، وابن حبان (2903) ، والحاكم (2/496) .
في ليلة الإسراء والمعراج شم النبي صلى الله عليه وسلم رائحة طيبة كالمسك. ثم سأل جبريل عليه السلام عن هذه الرائحة فأخبره إنها وصيفة فرعون وهذه رائحتها وأبنائها. وإنهم قد ماتوا بعد ما كشف فرعون سر إيمانها بالله وقد قتل أبنائها أمامها لكنها لم تكف عن ذلك. وظلت متمسكة بإيمانها بالله ولم تخضع لفرعون وجبروته. وإنها قد طلبت من فرعون أن يجمع عظامها مع أبنائها معا. بعد أن أحضر فرعون الاناء الكبير والقي في أبنائها تلو الآخر أمام عينها.
قيل من قبل أن هذه القصة توجد في بعض المصادر النصرانية والمسيحية. لكن هذه القصة موجودة في الحديث النبوي الشريف السابق ذكره. لذا تعد هذه القصة حقيقية وقد حدثت بالفعل ودليلها الحديث الشريف صحيح الإسناد.
( فأمَر ببَقَرة من نُحاس فأُحْمِيت ) : قال ابن الأثير في ” النهاية ” (1/145) : قال الحافظ أبو موسى : الذي يقَعُ لي في معناه أنه لا يريد شيئاً مَصُوغا على صورة البَقرة ، ولكنَّه ربَّمَا كانت قِدرا كبيرةً واسعة ، فسماها بقرة ، مأخوذا من التَّبقُّر : التوسع ، أو كان شيئاً يَسع بقَرة تامَّة بِتَوابِلِها فسمِّيت بذلك .
ماشطة فرعون يقال إنها أسلمت وزوجها علي يد الخضر عليه السلام. وفي إحدي الروايات قيل إن زوجها قتل أمامها مع أبنائها وقد تم جمع عظامهما معا. وفي روايات آخري إنه قد قتل قبلها وهي قد أخفت إيمانها حتي علم فرعون من ابنته وقتلها وابنائها كما ذكرنا من قبل. والرواية الأخيرة هي الأقرب إلي الصواب لحد ما والله أعلي وأعلم.
قصة ماشطة فرعون للاطفال
وعند البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحاً، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها».
أبنائي الصغار نعلم جميعا أن الله خلق الأنس والجن وخلق أيضا الجنة والنار. يوجد حولنا الطيب ويوجد الشرير وفي قصتنا اليوم صراع حقيقي بين الطغيان والظلم والنصر بين الحق والباطل. قصتنا اليوم يا صغاري قصة ماشطة فرعون إحدي سيدات الجنة التي ستظل قصتها تتردد حولنا الي يوم القيامة. هي إمرأة بسيطة آمنت بالله وآمنت إنه الحق لا إله إلا هو وكانت هذه المرأة في زمن سيدنا موسى عليه السلام والطاغي فرعون.
وذات يوم علم فرعون بإيمان هذه المرأة عن طريق ابنته فهي كانت تعمل ماشطة لدي ابنته. فأرسل إليها فلم تنكر إيمانها بالله ولأن كان فرعون طاغي مستبد كان يقول إنه الإله ولعياذ بالله. لذا هددها بقتل أبنائها أمام عينها وكان لديها خمسة أبناء آخرهم طفل رضيع.
بالفعل أحضر صغارها الخمسة وقال لها إنه سيقتلهم ان لم تتراجع عن قرارها. ولكنها تمسكت بإيمانها بالله سبحانه وتعالى ثم أحضر إناء يسع بقرة كاملة. ووضع فيه الزيت حتي الغليان الشديد. ثم وضع أكبر أبنائها في الاناء ووضع باقي الأبناء أيديهم علي أعينهم من هول وشدة الموقف. حتي طفت عظام أبناء وقد مات أمام عينها ووضع باقي الأبناء واحدا تلو الآخر.
علي الرغم من ذلك إلا أنها لم تتراجع مطلقا حتي وهي تري جميع أبنائها يموتون كل منهم تلو الآخر. وما أن وصلوا الي أصغر الأبناء وهو الرضيع الذي ارضعته أمه فور حضوره أمام عينها. وكان يبكي بشدة وها قد رق قلبها وانفطر عليه وازداد خوفها وكانت ستتراجع. كانت ستتراجع عن إيمانها بالله عز وجل بسبب خوفها علي هذا الصغير. لكن الله سبحانه وتعالى أرسل لها إشارة عبر هذا الرضيع وقد تحدث أمام أمه وقال لها ألا تتراجع وتثبت. وبالفعل ألقوا الرضيع في الاناء وإذا بها تطلب من فرعون أن يضعوا عظامها مع عظم أبنائها معا بعد موتها.