من تشبه بقوم فهو منهم حديث يعبر عن الواقع الذي نعيشه الآن. فمع التطور التكنولوجي وانتشار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
بدأ العالم أن يصبح قرية صغيرة. وبدأ الناس في الإطلاع على ما يفعله الآخرون ويتأثرون بهم. دون إدراك ما إذا كان هذا الشيء الذي نقوم بتقليده هل يتفق مع عقيدتنا أم لا. حينها نتذكر حديث النبي الشهير “من تشبه بقوم فهو منهم”.
من تشبه بقوم فهو منهم
قبل الحديث عن “من تشبه بقوم فهو منهم” نتحدث أولا عن مفهوم الشبيه. حيث أن الشبيه هو المثيل والمماثلة مرادفة للمشابهة. والفعل “يتشبه” أي يصير مثله.
فنقول على سبيل المثال “تشبه أحمد بمحمد” أي أن أحمد يحاول أن يصير مثل محمد في كل شيء من تصرفات وأحوال كي يصبح صورة مماثلة له. والإنسان في طبيعة الحال له صورتين واحدة حسية والأخرى معنوية والتشابه يحدث في الصورتين.
وهذا التشابه يحدثنا عنه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز حيث يقول “وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم”.
وهنا يجتمع الذين لا يعلمون مع الذين من قبلهم في التفكير الفعل. لانهم يطلبون ما طلبوا وهو رؤية الله عز وجل وتكليمه وهذا هو الفعل الحسي. وكذلك يتشابهون في الإيمان وهو منبعه القلب وهو تشابه معنوي.
ويجدر الإشارة إلى أن ديننا الإسلامي الحنيف هو دين جسماني وروحاني على حد سواء. وهو دين فرد وجماعة ودين دنيوي وأخروي.
وكتابه القرآن الكريم قد أنزله الله سبحانه وتعالى على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم لنمتثل لنصوصه ونفعل ما يأمرنا به ونتنهي عما ينهانا عنه. ويجب أن نعلم جيداً أن كل شيء ورد في القرآن فيه صلاح لنا ولحياتنا وما ترك الله شيئاً فيه إلا وكنا في غنى عنه.
وقد يعتقد البعض أن الغرب لديهم حرية كبيرة لأنهم تحرروا من قيود الدين وأصبحوا يفعلون ما يشاؤون في أي توقيت. وأصبح مفهوم الحرية بالنسبة للجميع متمثل في الغرب فقط. لكن في حقيقة الأمر هم حقا تحرروا من قيود الدين لكنهم أصبحوا عبيداً لأهوائهم الشخصية.
والشخص الذي تسيطر عليه نفسه هو الخاسر لأن النفس لا تشبع ولا ترضى وإذا تمكنت بلت. أما الدين فهو يرشدنا إلى الصلاح لنا ولمجتمعنا وهو لا ينظر إلى مصلحة الفرد فقط بل يريد مصلحة الفرد ومن حوله لأننا لا نعيش بمفردنا. لكن الغرب تسيطر عليهم “الأنا” وحب الذات وإمتاعها بأي شيء كان.
ومن يقع في نفسه حال الغرب موقع الإعجاب والاستحسان أصبح متشبهاً بهم، لأنه يختلق الأعذار لهم ويكن لهم الإعجاب والانبهار ولكنه لا يخدع إلا نفسه.
والذي يمنن الله سبحانه وتعالى عليه بالبصيرة يرى الصورة الحقيقية للغرب من حياة حيوانية قائمة على الشهوات والله سبحانه وتعالى قد خلقنا في أحسن تصوير.
ذات صلة:
من تشبه بقوم فهو منهم إسلام ويب
يشرح موقع إسلام ويب حديث من تشبه بقوم فهو منهم فيقول أن المقصود بـ “من تشبه بقوم” أي أنه أصبح مثله مثل الكفار سواء في المظهر كالملبس أو غيره أو في الباطن كالكفر والتشكيك في الله عز وجل،
وقوله “فهو منهم” أي أنه سوف يرتكب الإثم نفسه ويصبح مماثلاً لهم في العذاب. والتصور بهؤلاء الناس في الظاهر هو التشبه، بينما التصور المعنوي يسمى بالتخلق.
وحكى لنا قصة لطيفة عن فرعون وجنوده عندما أغرقهم الله لم يغرق الشخص الذي كان يتشبه بسيدنا موسى عليه السلام ليضحك الفرعون وآله.
وعندما رأى ذلك موسى تعجب وقال لربه إنه كان أكثر الناس أذية من آل فرعون لكن الله عن ذلك قال له “ما أغرقناه؛ فإنه كان لابساً مثل لباسك، والحبيب لا يعذب من كان على صورة الحبيب”.
فما أعظم أجر من تشبه بأهل الحق حتى لو كان مقصده باطلاً. سبحانك يا الله لطفك غلب تصورنا ورحمتك وسعت كل شيء.
من تشبه بقومٍ فهو منهم الدرر السنية
ويشير موقع الدرر السنية إلى أن حديث من تشبه بقوم فهو منهم إسناده صحيح وقد رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ويشير أيضا إلى ما يريد الحديث إبلاغنا به من نهي عن التشبه بالقوم الكافرين في لباسهم وعاداتهم وهيأتهم حتى لا يشملنا ما يشملهم من عذاب.
وفي المقابل الترغيب في التشبه بأهل الصلاح حتى يشملنا ما يشملهم من نعيم في الآخرة بمشيئة الله سبحانه وتعالى.
وفي سياق متصل، كان قد جاء أيضاً حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يحمل نفس المضمون والمعنى وهو “ليس عندي من تشبه بغيرنا”. وهذا الحديث رواه لنا عبد الله بن عمرو أيضاً.
اقرأ أيضا: صحة وشرح حديث لا تسبوا أصحابي
صحة حديث من تشبه بقوم فهو منهم
حديث من تشبه بقوم فهو منهم هو حديث صحيح رواه عبد الله بن عمر والمحدث العراقي وكذلك أخرجه أبو داود وأحمد. وخلاصة حكم المحدث اسناده صحيح.
تخريج حديث من تشبه بقوم فهو منهم
أما بالنسبة إلى تخريج حديث من تشبه بقوم فهو منهم فهو تخريج الإحياء رقم 1/359. وقد أخرجه أحمد {5114} كذلك أبو داود {4031}. ومصدره صحيح أبي داود رضي الله عنه. كما أن المحدث هو الشيخ الألباني رحمة الله عليه.
فوائد من حديث من تشبه بقوم فهو منهم
إن هناك فوائد من حديث من تشبه بقوم فهو منهم. وبين أهم هذه الفوائد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحذرنا من التشبه بالكفار وفي المقابل يحثنا على التشبه بعباد الله الصالحين المخلصين.
ومن ضمن الفوائد أيضاً أن التشبه في الصورة يؤثر على ما في داخل القلب من إيمان سواء أكان بالسلب أو الإيجاب، كذلك كل من يتشبه بقوم صالحين سوف يبث ذلك في قلبه المحبة والإيمان. ومن تشبه بقوم كفار تخلل الكفر قلبه شيئاً فشيئا.
والنهي الذي جاء في الحديث هنا عن التشبه بالكفار فيه نهي عن كافة أشكال التشبه. سواء أكان ذلك في الدين أو في العادات والتقاليد وأسلوب الحياة بشكل عام. لكن التشبه بهم في التقدم والعلم وتعلم الصناعات المختلفة فلا يندرج تحت قائمة النهي.
مرشح لك: صحة وشرح حديث ما نقص مال من صدقة
حكم التشبه بالكفار في قصات الشعر
كذلك نهانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عن القزع. وهو القيام بحلق بعض الرأس وترك البعض الآخر. والنهي هنا دليل على الكراهة. ذلك لأنه فيه تشبه بالكفار. كذلك أخرج البخاري ومسلم الحديث الشريف الذي يتناول هذا الموضوع. وهو أن ابن عمر رضي الله عنهما قال إن النبي “نهى عن القزع”. قال: قلت: “ما القزع؟”. قال: “يحلق بعض رأس الصبي ويترك البعض”.
وفي النهاية، أيها القراء الكرام اعلموا جيداً أن دين الله ورسوله قد اكتمل في وقت الصحابة الكرام رضي الله عنهم جميعاً. وذلك لقوله تعالى “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا”. أي أن كل ما نجده الآن ليس من صميم الدين بل هو تشبه والنبي أخبرنا أنه من تشبه بقوم فهو منهم فاحذروا.
حديث من تشبه بقوم فهو منهم! الشيخ مصطفى العدوي
إقرأ أيضاً: