حديث إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه هو حديث صحيح رواه الترمذي بأسلوب حسن. وكذلك حسنه الألباني في صحيح الترمذي. ونوضح فيما يلي المزيد عن هذا الحديث.
اختيار شريك الحياة ليس أمراً سهلاً بالمرة. حيث ،يحتاج منك التدقيق في أكثر من جانب من جوانب شخصيته. ويحثنا رسولنا الكريم على ضرورة حسن اختيار الزوج أو الزوجة وفقاً لبعض المعايير.
وجاءت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي بينت تلك المعايير باستفاضة. ومن بين تلك الأحاديث حديث إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.
لكن ما صحة حديث اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ؟ وشرح ما يعنيه هذا الحديث؟. هذا ما سوف نتناوله بشكل مفصل في السطور القادمة.
صحة حديث إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه
حثنا الإسلام على اعتبار الدين والخلق من أهم الركائز التي توحي بمضمون شريك الحياة. وأكد على ضرورة طلب الصلاح وعدم الانخداع بالمظاهر الخداعة من مال وجاه وحسب ونسب.
فيقول لنا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يخص حسن اختيار الزوجة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال “تنكح المرأة لأربع : لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”.
وهذا الحديث فيما معناه أن في أغلب الأحيان أكثر ما يهتم به الناس هو البحث عن المال والحسب والنسب. وأن تكون المرأة على قدر لا بأس به من الجمال. وبالإضافة إلى ذلك هناك فئة معينة أغلب ما يهمها هو الدين. وهذا ما يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تحرى من كانت على دين وإيمان قوي.
كما أن هناك روايتين لحديث آخر وهو محور حديثنا اليوم. على النحو الآتي:
عن أبي هريرة: “إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض”.
حسنه الألباني في صحيح الترمذي.
عن أبي هريرة “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، قالوا يا رسول الله وإن كان فيه. قال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه (ثلاث مرات)”.
رواه الترمذي بإسناد حسن.
لذلك فان هذا الحديث هو حديث صحيح رواه الترمذي بأسلوب حسن. وكذلك حسنه الألباني في صحيح الترمذي.
شرح حديث اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه
في حديث إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وتحديداً الصيغة الأصح وهي “إذا خطب إليكم … إلخ”. معنى (إذا خطب إليكم) أي من يطلب منكم الزواج من إحدى بناتكم أو أقربائكم.
ومعنى(من ترضون) أي من تستحسنون. واللفظ (دينه) أي عقيدته وديانته وإيمانه. أما عن (خلقه) أي أخلاقه وتصرفاته ومعاشرته بأي حال من الأحوال. واللفظ (فزوجوه) الهاء تعود على الفتاة المراد زواجها.
و (إن لن تفعلوا) أي في حالة إن لم تزوجوه إياها. (تكن) تحدث وتقع. (فتنة في الأرض وفساد عريض) أي أنه في حالة إن لم تزوجوا بناتكم إلا من الأغنياء أصحاب المال والجاه لبارت أكثرهن وبقين بلا زواج والأمر نفسه مع الرجال. ومن ثم تقع الفتنة وتكثر حالات الزنا ومن المحتمل أن يلحق بكم العار وتقطيع الأنساب وانعدام العفة والصلاح.
ويقول رجل للحسن أنه جاء إلى ابنته جماعة من الرجال يطلبون يدها فاحتار ممن يزوجها فأخبره الحين أن يزوجها ممن يتقي الله فيها فإذا أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها. في إحياء علوم الدين.
صحة حديث إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إسلام ويب
يتحدث موقع إسلام ويب عن صحة حديث اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ويقول أن هذا الحديث وقع عليه اختلاف في صحته. لكن الألباني رحمة الله عليه قد حسنه.
ويشير إلى أن المقصود بالفتنة والفساد العريض في الحديث أن في حالة التكلف في اختيار الزوج وترك الدين والخلق يصبحن النساء بلا رجال ويصبح الرجال بلا نساء ويقعون جميعاً في شباك الفواحش والآثام.
كما يشير أيضاً إلى ما قيل في تحفة الأحوذي أن “إذا خطب إليكم” أي من يطلب منكم أن تزوجوه بامرأة من بناتكم أو أقاربكم ومن ترضون أي من تستحسنون ديانته ومعاشرته فزوجوه تلك المرأة.
وفي حالة إن لم تعتبروا بتلك المعايير واهتممتم فقط بالحسب والمال والجمال نتج عن ذلك الافتتان بالزنى والذي يؤدي إلى قطع النسب وقلة العفة.
إقرأ أيضا: صحة حديث اعقلها وتوكل
إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه الدرر السنية
رصد موقع الدرر السنية جميع الأشكال التي ورد بها حديث إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. سواء التي تبدأ بـ “إذا جاءكم” أو “إذا أتاكم” أو “إذا خطب إليكم”. وجاء في الأخيرة أن الحديث حسن لغيره. أما بالنسبة إلى الروايتين السابقتين فاختلف في تصحيحهما العلماء.
وهناك من يصححه مثل الألباني والترمذي إلا أن هناك أيضاً من أكد ضعف هذا الحديث. ومن بين هؤلاء نجد نجد ابن عدي في الكامل حيث يقول إنه حديث باطل. ويشاركه في الرأي ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ.
تخريج حديث إذا جاءكم من ترضون
إن هذا الحديث رواه كل من أبي هريرة رضي الله عنه وأبي حاتم المزني وابن عمر وأبي أمامة رضي الله عنهم أجمعين ومرسل يحيى بن أبي كثير. أما بالنسبة إلى رواية أبي هريرة فقد خرجها الترمذي في سننه 3/394 رقم 1084.
كذلك ابن ماجه في سننه 1/632 رقم 1967. كما أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 1/142 رقم 446. والذهبي في تذكرة الحفاظ 3/938.
وقام بتخريج رواية الدراوردي سعيد بن منصور في سننه 1/190 رقم 590. ورواية قتيبة خرجها أبو داود في المراسيل 193 رقم 225.
مرشح لك: صحة حديث من صلي علي الف صلاة
مدى صحة حديث إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه
إن حديث إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه هو وجه آخر لحديث “تنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها فعليك بذات الدين تربت يداك”.
وفي الوقت الذي يحث فيه الزوج على اختيار الزوجة وأن يتزوج من كانت على دين وخلق نجد أن الحديث الأول أيضاً يخاطب ولي أمر كل فتاة بألا ينخدع في الحسب والجاه والمال لأن الدين والأخلاق أهم من كل ذلك. ولا يحق له الاعتراض بينما للفتاة حق الاعتراض ولا تأثم على ذلك لأن الزواج مسنون لا عقاب لتاركه ويثاب فاعله.
ويتحدث الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقاً عن كون الزواج سنة للحياة حتى لا تنقرض البشرية ويبقى النوع الإنساني على قيد الحياة وهي سنة الأديان السماوية جميعها والدليل قول الله تعالى “ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية” {1}.
كما أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى القضية نفسها في حديث له يقول فيه “أربع من سنن المرسلين: الحناء والتعطر والسواك والنكاح”.
والإسلام أمر بالزواج لكل من يستطيع أما الذي لا يستطيع فلا حرج عليه ويحاول إشغال نفسه بالعبادات ليتجب الوقوع فيما يغضب الله. فيقول الله في كتابه العزيز “وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله” {2}.
شروط اختيار الزوج في الإسلام
إن الكفاءة والأهلية من أبرز الشروط الواجب توافرها في شريك الحياة وفقاً للدين الإسلامي. فالكثير من الفقهاء يشترطون أن الخاطب المتقدم للزواج عليه أن يتحلى بالكفاءة. واختلف الفقهاء في التعبير عن مفهوم هذه الكفاءة.
على سبيل المثال نجد أن الحنفية يتفقون على أن الكفاءة هي الديانة الإسلامية والنسب الأصيل المسلم أيضاً والمال الكافي والحرفة أو الصنعة والحرية وألا يكون المتقدم إلى الزواج عبد أو مملوك لأحد.
أما الرأي الثاني وهو رأي المالكية فيقصرون مفهوم الكفاءة على وجهين فقط لا ثالث لهما وهما الدين وأن يخلو المتقدم إلى الخطبة من أي عيوب. وعن رأي الشافعي فتتفق مع رأي الحنفية عدا المال وإسلام الأصل.
ويتحدث الرأي الأخير وهو رأي الحنابلة فيرون أن الكفاءة تتمثل في النسب والمال والديانة والصنعة والحرية. ويبدوا لك الأمر إنه متشابه بعض الشيء وهو كذلك بالفعل. لأنها تستند بشكل رئيسي على حديث إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.
وتشير أيضا السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في حديث إن النبي صلى الله عليه وسلم قال “تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم”.
وإلى هنا نختم مقالنا بأن صحة حديث اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه مختلف عليها من قبل أهل العلم. لكن أتفق جميعهم أن معنى الحديث صحيح ولا شك في ذلك. خاصةً أن مضمونه تناولته أحاديث أخرى كثيرة تحدثت عن الفكرة نفسها. والآن وبعد أن انتهينا من عرض هذا المقال. نتمنى أن يكون قد نال إعجابكم. انتظرونا في مقالات أخرى جديدة.
المصادر:
- {1} سورة الرعد الآية رقم 38.
- {2} سورة النور الآية رقم 33.
إقرأ أيضاً: صحة حديث اذا انتصف شعبان فلا تصوموا
2 Comments